أهم الاخبار

مجلة نداء الرؤح لفرسان الكلمات رئيسة مجلس الادارة الأستاذه نداء الرؤح )

الاثنين، 17 ديسمبر 2018

رواية ( فاتنة الحي ) بقلم الكاتب زغلول الطواب


الحلقه الأولى
من رواية ( فاتنة الحي )
تأليف الكاتب 
زغلول الطواب
هنا في حي الحسين يسكن الحاج صابر تاجر الأقمشه الشهير بحسن تعامله وطيبته وصدقه فهو من أكبر تجار شارع الأزهر كان يعرف بين الجميع بسمعته الطيبه وقلبه الحنون وفعله للخير اللا محدود يشهد له الجميع بحسن المعامله والصدق في تعاملاته بين التجار والزبائن فكانت وكالته معروفه للجميع حتي وصل صيته وشهرته لشتي ربوع المحروسه وأمتدت شهرته لخارج المحروسه فكان تجار التجزئه من جميع المحافظات يأتوا لشراء بضاعتهم من وكالته لحسن تعامله وصدقه وأمانته وكان دائم السفر لبلاد الشام ليشتري بضاعته من هناك وخاصة سوريا وكان محبوب بين أهل الشام وكان له صديق بدمشق صاحب أكبر شركه لتجارة الأقمشه فكان يعتبر الحاج نور الدمشقي بالنسبة له بمثابة الأخ والصديق المخلص حيث كانا الأثنان يشتركان في نفس الصفات وكأنهما توأمان فكان كلما ذهب إلي الشام كانت محطته الأولي دمشق ليحل ضيفآ عند صديقه الحاج نور الدمشقي كان يعتبر بالنسبة لعائلة الحاج نور واحد من العائله فكان كبيرهم وصغيرهم ينادونه بعم صابر أي بمثابة الأخ غير الشقيق للحاج نور توطدت العلاقه بين الحاج صابر واسرة الحاج نور منذ زمن بعيد فكان له مكانه خاصه بينهم وفي إحدي رحلاته التجاريه لدمشق كان في أنتظاره في المطار الحاج نور وبعض أفراد أسرته فحينما وصلت الطائره التي كان يستقلها وأنهي أجراءات الوصول أستقبله الحاج نور وزوجته وأبنتهم الصغري ياسمين بالترحاب بسعاده غامره فكان دائمآ يحضر معه لهم الهدايا التي تليق بهم كأصدقاء محبين له فسرعان ما خرجوا من المطار متجهين بالسياره إلي البيت وبعد الأنتهاء من الغداء جلس بينهم يروي لهم عن أحوال المحروسه كالمعتاد حيث كانوا يحبون رواياته عن أهل مصر لتعلقهم الشديد بالأجواء القاهريه وطيبة أهلها وكانوا يشتاقون للأكلات المصريه وعادات وتقاليد وجدعنة وشهامة أهل مصر وذلك مما وجدوه من حب وموده فحينما كانوا في زياره للقاهره شاهدوه عربات الفول في الصباح منتشره ومحال الكشري والمقاهي وحي السيده زينب والحسين والقلعه والأهرمات وأبو الهول وشارع خان الخليلي والمسارح المصريه والسينمات المنتشره في وسط البلد وكان لكرنيش نهر النيل طابع خاص في قلوبهم فكانوا دائمآ كلما حل الحاج صابر ضيفآ عندهم كانوا يعشقون حكاياته عن المحروسه وأهلها لأن حكايات الحاج نور عن القاهره وأهلها تذكرهم بالأيام الجميله التي قضوها في حي الحسين بمنزل الحاج صابر كانوا مبهورين بالحضاره المصريه القديمه ومساجد القاهره العتيقه وكأنهم كانوا في رحله عبر التاريخ المصري القديم من عصر الفراعنه حتي عصر الفاطميين وما بعدها من عصور توالت علي القاهره فكان كل عصر يترك أثره وملامحه في شوارع وأحياء القاهره وكأنما كل عصر أراد أن يثبت بعاداته وتقاليده ومبانيه ورموزه الأثريه مكانه في التاريخ المصري ليكون شاهد علي عظمة مصر والمصريين فكانت أسرة الحاج نور تستمتع بتذكيرهم لذكرياتهم بالأيام الجميله التي قضوها في المحروسه التي لا تنسي وبعد الأنتهاء من حفل الأستقبال الذي أعد لقدوم الحاج صابر قال له الحاج نور هيا بنا يا صديقي لنصلي العصر في المسجد وبعدها نذهب إلي الوكاله حتي تري البضاعه الجديده سوف تعجبك لأنها وارد الهند وما أدراك ما الهند وحريرها فخرج الأثنان قاصدين المسجد لصلاة العصر ثم إلي وكالة الحاج نور بالسوق القديم وهناك جلس الحاج صابر أمام الوكاله كعادته يتفحص الجديد من المعروضات بالمحال المجاوره والتي أمامه فكان يحب اللهجه السوريه التي يتحدثون بها أهل دمشق وكان يستمتع برؤيته للماره في السوق وكيفية تعامل التجار مع الزبائن حيث الحرفيه الرائعه في البيع والشراء فكان يتعلم منهم كيفية أستقبال التاجر السوري لزبائنه وبعد أن أحتسي كوب من القهوه السوريه المحوجه بالبهارات الهنديه التي كان يعشق مذاقها كان الحاج نور يعرض عليه أحدث الأقمشه التي جلبها من الهند وبعد أختيار الحاج صابر لبعض أنواع الأقمشه الحريريه دخل الحاج نور ليجهز له البضاعه وعمل فاتورة المشتريات وبينما كان الحاج صابر جالس ممسكآ بالفنجال أمام الوكاله أتت أمرأه في الثلاثين من العمر ملفوفة القوام جميلة الوجه شقراء ذات عينين زرقاء فتعلق قلبه بها من أول وهله حينما وقفت أمامه تسأله عن الحاج نور بإبتسامه تخطف القلوب وبالفعل خطفت قلب الرجل الذي ظهرت عليه حاله من الإرتباك ولم تفارق عينيه عينيها فقالت له وهي مبتسمه إبتسامة الأنثي التي أيقنت من اللحظه الأولي أن الرجل في حالة توهان
قليل التركيز كررت عليه السؤال مرة آخري إذا سمحت من فضلك ممكن تخبرني أين صاحب المحل فلم ينتبه إلا عندما رتبت علي كتفه بخفه ودلال فقال لها لا تأخذيني سيدتي الجميله فعينيكي لها سحر ولا في الخيال فتبسمت وقالت له أكيد أنت مصري فقال لها نعم فقالت له تشرفنا أهلآ وسهلآ بك في بلدك الثاني والله كل الشعب السوري بيموت في حاجه أسمها مصر وشعبها وخفة الدم إللي تشتهرون بها فتبسم وقال لها أشكرك ده بس من زوقك يا ست الحسن والجمال فضحكت وقالت له مقبوله منك قول كيف ما بدك يا شهريار فضحك الرجل وبعينيه عنوان السعاده والسرور وكأنه وجد ضالته التي يبحث عنها منذ وفاة زوجته التي رحلت عن الدنيا دون أن تنجب له أطفال فسألها عن أحوالها وهل أن كانت متزوجه أم عزباء فقالت له وحياتك يا مصري عزباء وبدي أعيش باقي حياتي في مصر أم الدنيا لكن كل شيئ نصيب فقال لها فعلآ كل شيئ نصيب فسألها هل لي أن أسألك عن عنوان والدك فقالت له عليه رحمة الله أنا وحيدة أمي نعيش أنا وهي في نفس الشارع هذا أتري هيدا البيت الأبيض الصغير هناك فأشارت له علي بيت قريب من محل التاجر السوري الذي يتعامل معه الحاج صابر فقال لها نعم فقالت له هذا بيتنا تشرفني في أي وقت وأثناء حديثهما خرج الحاج نور صاحب المحل بعد أن أنتهي من عمل الفاتوره فلما رآها قال لها أهلآ وسهلآ ومرحبا يا ست صابرين كيفك وكيف والدتك فقالت له الحمد لله بخير يا عم نور وبينما يتحدث الحاج نور والست صابرين كان الحاج صابر يتتبع حديثهما بكل أهتمام وكان دائم النظر في عيون الست صابرين التي نالت أعجابه فقرر بينه وبين نفسه الزواج منها وبينما كان في شروده نظر إليه الحاج نور وقال له كيفك يا حاج صابر يا تري أيش بيك حضرتك ذهبت إلي مصر ولا أيه مصر وحشتك بالسرعه دي يا رجل فأنتبه الحاج صابر لكلام الحاج نور وقال له وهو في حاله من الإرتباك لا أبدآ يا صاحبي أنا مازلت معكم هنا في بلاد السحر والجمال والناس الطيبين أهل الكرم والسماحه فشكره الحاج نور علي كلامه الجميل وقال له من بعض ما عندكم يا صاحبي أنتم أهل الكرم والشهامه والطيبه فبادله الشكر الحاج صابر فتدخلت الست صابرين في الحديث وقالت والله صدقت يا عم نور مصر حبيبة الكل وكمان شعبها طيب وجميل فتبسم الحاج صابر وشكرها بلطف وحنان مما لفت إنتباه الحاج نور فقال له الست صابرين من أطهر وأنقي سيدات الحي كله لكن للأسف حظها من الدنيا قليل تزوجت منذ فتره بشاب ولكن لم يوم زواجها إلا شهور قليله ذهب للجيش ولم يعد ألا وهو شهيد ومن يومها وهي وحيده وأمها يعيشن في هذا الشارع بعد وفاة والدها الله يرحمه ويرحم أمواتنا وأموات المسلمين فترحم الحاج صابر وقال سبحان من له الدوام هذه هي سنة الحياه ولا نملك من أمرنا شيئآ والأمر كله لله رب العالمين 
وبعدما أخذت الست صابرين حاجاتها وذهبت مودعه الضيف وصاحب المحل تنهد الحاج نور وقال والله مسكينه ها البنت رغم جمالها وطيبة قلبها وسمعتها الشريفه الطاهره إلا أن حظها من الدنيا قليل فألتفت إلي الحاج صابر الذي يناهز الأربعين من العمر وقال له أيش رأيك يا صاحبي فقال له الحاج صابر والله عندك حق يا صاحبي ولكن الدنيا صغيره رغم أتساعها إلا أنه في النهايه يتلاقي فيه صاحب النصيب بنصيبه فنظر إليه الحاج نور وقال له أتقصد ما فهمت يا رجل فتبسم الحاج صابر وقال له نعم ظنك في محله أنا بصراحه أعجبت بالست صابرين وبستشيرك يا صاحبي في خطبتها من والدتها فما رأيك فقال له الحاج نور والله زين ما أختارت فعلآ كل شيئ نصيب أدعو الله أن يتمم خطبتك علي خير وتتهني بزواجك منها إن شاء رب العالمين وبالفعل أتفقا علي موعد الذهاب إلي منزل الست صابرين وحددا الموعد الليله بعد صلاة العشاء ثم قال له هيا بنا يا ضيفي العزيز العشاء جاهز بالدار فذهبا الأثنان معآ إلي دار الحاج النور الذي كان في أستقباله جميع أفراد العائله فرحبوا بضيفهم وكانت السفره مفترشه بكل ما لذ وطاب من أطعمه وفاكهه أحتفالآ بالضيف العزيز الذي يقابل بكل حب وأحترام وتقدير وأثناء تناولهم العشاء قال الحاج نور لزوجته وأولاده عاي خبر خطبة الحاج صابر من الست صابرين ففرح الجميع مهنئين الحاج صابر متمنين له السعاده بعروسته التي كانت صاحبة القسمه والنصيب وبعد الأنتهاء من العشاء وأحتساء الشاي قال له الحاج نور عليك الآن أن تأخذ دش لأزالة أتربة السفر حتي تتهيأ يا عريس فضحك الجميع وهم في قمة فرحتهم وسعادتهم فقال له الحاج صابر والله عندك حق يا صاحبي لتبد من دش وتغيير ملابسي حني أليق بهذه المناسبه فضحك الجميع مرة آخري لخفة دم ضيفهم وبعد الأنتهاء من الحمام وتبديل ملابسه خرج بعد وقت قصير بعدما أرتدي حلته الصوف وطربوشه الأحمر وحذائه الأسود اللميع ثم نظر إلي المرآه لكي يطمئن علي هيئته فقام بظبط شاربه وطربوشه ثم خرج من الغرفه ليذهب مع الحاج نور إلي المسجد لصلاة العشاء وبعد أنتهاء الصلاه يذهبا إلي دار الست صابرين فلما وصلا إلي بيتها دق الحاج نور مطرق البوابه الرئيسيه فنزلت الست صابرين لفتح البوابه فإذ بالطارق عو صاحب القسمه والنصيب فتبسمت مرحبه بالضيفين فدخلا إلي حجرة الضيوف حتي دخلت عليهما السيده أم صابرين سيده في العقد الخامس من عمرها لا تقل جمالآ عن أبنتها فلما رآها الحاج صابر تبسم وقال أبن الوز عوام فتبسمت والدة الست صابرين وقالت له أهلآ ومرحبا بضيفنا الكريم ثم رحبت بالحاج نور وقالت علي فكره يا حاج نور المثل اللي قاله صاحبك المصري حينما دخلت عليكما هذا مثل مصري أعرفه وأعرف معناه علي كل حال هذا لطف من صاحبك وهذا ليس بغريب علي الشعب المصري الذي يمتاز بخفة الدم ثم دخلت الست صابرين تحمل صينيه شربات وبعض أطباق المكسرات احتفالآ بالضيف ثم جلست بجوار والدتها وبعد تناول الشربات والتسليه بالمكسرات قال الحاج نور صلوا عاي النبي يا جماعة الخير إحنا جايين اليوم لخطبة الست صابرين للحاج صابر فما رأيك يا حاجه نعمات فقالت له الكريم لا يصاحب إلا كريم وصاحبك رجل محترم وبشرف أي عائله أينما حل أهلآ وسهلآ به وبعد الترحيب والمجاملات والذي منه تم الأتفاق علي الترتيبات اللازمه لكتب الكتاب والدهله ثم السفر إلي القاهره وتمت الخطبه علي خير وأتفقت والدتها مع الحاج صابر والحاج نور علي أن يكون كتب الكتاب بعد غد بعد وتم الزواج بليلة عرس جميله جمعت معظم أهل الحي بفرحه وسعاده متمنين للعروسين زواج مبارك سعيد ثم سافرا إلي القاهره

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.