أهم الاخبار

مجلة نداء الرؤح لفرسان الكلمات رئيسة مجلس الادارة الأستاذه نداء الرؤح )

الخميس، 26 سبتمبر 2019

شوارع المدينة......غسان دلل

شوارع المدينة..
بالأمس..
قرأت يافطة تعلن..
ممنوع حفر الشوارع..
ممنوع العبث بالأنفاق..
ثم قرأت أخرى..
تعلن..
ممنوع جمع الهواء..
وممنوع قطف الازهار..
وثالثة تنشر..
ممنوع فوق المدن..
تحليق الطيور..
وممنوع التذمر باستمرار..
فسألت لماذا..؟
فأجابوني..
كيف تجرأ على السؤال..!!
هذه هي القوانين..
وضعها السادة السكان..
في مجالسهم المنتخبةبحرية..
في مدن الحرية..
منذ زمن العبودية..
لزمن الازدهار..
فسكنت وقفلت فمي..
فتعبت في سكوني و صمتي..
وعدت للسؤال..
صباحاً ومساء..
فقالوا..
ابلع لسانك..
وإلا على فاك..
ضربناك بالحذاء..
فخفت..
وأخذت أفكر في الخفاء..
أسئلة هي..
دون أن أحفر الشوارع..
تبقى دون جواب..
فانتظرت ليلة الخمر..
حين ينتشي السكان..
ويغفوا الحراس..
فتسللت..
وضربت وجه الشارع الجميل..
وحفرت الأسفلت والتراب..بالفاس..
غريب..
لا شيء..لا شيء هناك..
كدت التراجع..
ولكن أعادني حدسي..
فلا بد للمنع..
من سبب أو أساس..
فعمقت الحفرة..
غريب ما اسمعه.. الأن..
هناك أصوات..
هناك لغط هناك..!!
فلأحفر..
وأدق بشدة.. وأطرق الأبواب..
ربما مخطئ أنا..
ربما ما أسمعه حقيقة..
وربما ما اسمعه صواب..
فأصغيت..
هناك لغط..هناك أصوات..
هناك آلاف آلاهات..
لا..
لا يمكن أن يكون هناك أحد..
لا يمكن أن يكون في الحفرة احياء..!!؟
فدليت يدي لعمق الحفرة ..
مبلولة هي.. فابتسمت..
لا بد..
وان يكون السائل ماء..
فأخرجتها ..
ويا للهول..
مبلولة هي..مغمورة دماء..
لا بد من الهرب..
وإلا تم علي القضاء..
فخطوت للوراء..
لكن آلاهات شدتني للعودة والبقاء..
فدليت ثانية يدي..
فعلقت بأصابعي اشياء..
أشدها ..اشدها..وتشدني..
تعبت واصابني ألاعياء..
ولكن..
لا مجال للاستسلام أو للارتخاء..
فسأنتهي..
إن لم أنتهي حالا..
معلقا على أحد الجذوع..
دون دمعة و رثاء..
فنتشت يدي بمنتهى قوتي..
فخرجت عالقة بها جمجمة..تتمتم..
دفنوني قبل أن أموت ..هنا..
دفنوني منذ ألف.. ألف مساء..
فدعني..دعني..
استنشق بعض الهواء..
فنظرت إليه..
وجهه مألوفا علي..
وليس غريباً هذا الرجاء..
فهذا فلان..
كان يحرث الأرض..
ينشر الضؤ..
يصنع الآلة والثياب..
يضرب سكة الحديد..
يحمي الوطن..
يحمل بندقية الموت..جبرا..
وينام في العراء..
فابتسم لي..
واستنشق بعض الهواء..
وقال..
تعبت.. أعدني..
أعدني للحفرة..
هناك أمي وحبيبتي والأطفال..
وهناك جمع الأصدقاء..
وعدني ألا تحفر الشوارع..
وألا تنبش التراب..
فهناك..
تحت اسفلت الشوارع والأرصفة..
وتحت أجمل الأبنية..
وأزهار الحدائق..
وأغنى الأحياء..
ملايين الموتى.. أحياء..
وسكان المدينة..
يحتفلون بحضارتهم..
كل يوم..
دون خجل..ودون حياء..
غسان دلل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.