أهم الاخبار

مجلة نداء الرؤح لفرسان الكلمات رئيسة مجلس الادارة الأستاذه نداء الرؤح )

الثلاثاء، 26 يونيو 2018

أمي . ومحطة الوداع بقلم محمد محجوبي


أمي . ومحطة الوداع ..
...
هو المكان دائما يذكر تعداد ضربات حادة بحزن محموم . الليل جافى غيتارته الرهيفة تسدي لوقفة الوداع دمعها بشائبة الأسى . والحب ركن ذاب على جوارها أمي منشأ أيام تنمو صباباتها عشب القلب .. فقد هذبتني بسلوك الأحضان على أهداب زمن دافئ . جئت إليه فارس ندى من عاطفتها اللذيذة .
كنت وأمي مداد شمس تبهر تجاويف الطين الطروب . فكنا كتلة فرح لا تذوب . قبل وصول المحطة الحالكة . ناغمنا سهاد المشي بين خمائل الروح . وفي عرف البساتين أن تكون أمي حورية فجر مشاع لجذواته العميقة . بينما كانت أمي هي ذاتها الحمامة التي لا تنام حتى تمتع جبلنا الهادئ صفوة الأغاني وجمر الأناشيد الثورية . كانت في ميقات أخضر تتوضأ لها الغابة على جوار السنابل والمراعي فتورق نشوة الطيور ملحمة غنائية تتراقص فنجان قهوة قديمة تعطر خاطر العابرين الحاملين لورود أحلامهم الباذخة . أو لربما تشتم الفراشات من أمي فصيلها السابح في النسيم . فتنسكب السمفونيات العجيبة من تلة الفرح الى منتزهات القلوب . 
قبل محطة الوداع . فوجئت بمعمار المدرسة وجيوب الطين من قامة المسجد وسجاد المجالس وأجواق السمر الفاتنة كلها على موج شفيف يغمز رغبة الحبور . جوانح ماضي تتحرك من أغصان صفصافة ترش الحياة. وأثداء التين تمرر غض الثمار البنية في تلاحق الأشعة المنتشية بضياء يهيم بها غدير أمي المتسلب في فتنته الراعشة . 
وبعد محطة الوداع . قطفني مارد المدى في تلاقح أجنة حزن بيني وبيني جدران فولاذ وإسمنت تسيجني فراق . وأنا بعيد منتفض المسالك في غلو الغبار . أمانع غدر المحطة . أتعقب خيط الليل في إطراق . 
بينما نامت أمي وداعها . بقي الماء على إشارات زمن يكبو نجواي . أتوخاه وداعها في نتوءات كمد على شقوة سهام تترى جوانحي المحترقة بوابل وداع .

محمد محجوبي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.