أهم الاخبار

مجلة نداء الرؤح لفرسان الكلمات رئيسة مجلس الادارة الأستاذه نداء الرؤح )

الجمعة، 8 مارس 2019

تحيّة للمرأة في يومها العالمي بقلم/ فؤاد زاديكى

تحيّة للمرأة في يومها العالمي
بقلم/ فؤاد زاديكى
تحية كبيرة للمرأة في يومها العالمي والمصادف اليوم وهو الثّامن من آذار من كلّ عام. ولهذا اليوم تاريخٌ وذكرى "ففي الثامن من مارس/آذار 1908 خرجت 15 ألف امرأة في مسيرة في مدينة نيويورك مطالبات بساعات عمل أقصر وأجر أفضل والحقّ في التصويت.وبعد عامٍ من تلك المسيرة، أعلنَ الحزبُ الاشتراكيُّ الأمريكيّ ذلك اليوم عيدًا وطنيًا للمرأة. وفي عام 1910، اقترحتْ سيّدةٌ تُدعى (كلارا زيتكين) في مؤتمر دولي للنساء العاملات في كوبنهاغن بأنْ يُصبح 8 مارس (آذار) يومًا عالميًا. وحضر المؤتمر 100 امرأة من 17 دولة وافقوا جميعًا بالإجماع على المقترح. وأُحتفل بهذا اليوم لأوّل مرّة في عام 1911، في كلّ من النمسا والدنمارك وألمانيا وسويسرا. وحلّت الذكرى المئوية في عام 2011 ولم تكتسب فكرة (كلارا زيتكين) الأولويّة عن يوم المرأة العالمي الصفة الرسميّة إلّا عندما طالبت النساء الروسيات المضربات بالخبز والسلام خلال الحرب العالمية الاولى عام 1917، وبعد أربعة أيام من إضرابهن، أُجْبِرَ القيصرُ الروسيّ على التنازل عن العرش، ومُنِحَتْ الحكومةُ المؤقتة حقَّ التّصويت للنّساء" وصار العالم كلّه يحتفل بهذا اليوم بطرق مختلفة ومعبّرة عن احترام المرأة وتقديرها. وقد أصبح هذا اليوم عيدًا عالميًا في عام 1975، عندما بدأت الأمم المتحدة تحتفل به سنويًّا, لكنْ هل الاحتفال بيوم للمرأة يمكن أن يُلقي عن كاهلها كلّ القهر الذي تعاني منه في الكثير من المجتمعات البشريّة؟ يمكن أن يكون الاحتفال بهذا اليوم كتكريم رمزي لرفع معنويات المرأة وإشعارها ببعض الاهتمام والرّعاية الموجبة إلّا أنّ هذا لوحده لا يكفي, إذا لم يقترن بالأفعال التي تساهم في إشعار المرأة بالنّقص و الدّونيّة, و بعدم مساواتها مع الرجل في الواجبات والحقوق, لإنّ المرأة مخلوق جميل وحنون وعاطفي ومخلص ومحبّ إضافة إلى كونها كأمّ تساهم في الإبقاء على استمراريّة الحياة من خلال الإنجاب والذي هو سمة كريمة و مقدّسة يجب على عالم الرجال أن يفهموا هذا جيّدًا, و أنْ يُدركوا الغاية الإنسانيّة النبيلة من هذا القصد الذي يُبقي على الجنس البشري.
وفي هذه المناسبة أقولُ للمرأة الإنسان:
بهذا اليومِ تَكريمٌ ... لكِ والنّورُ لا يخفَى
على مَنْ فكرُهُ واعٍ ... ومَنْ بالحقِّ قد أوفَى
لكِ فَضلٌ بِما يكفي ... وفي أعطافِكِ المَشْفَى
وفي إقبالِكِ المُعطي ... هناءً روحُهُ أصْفَى
لكِ التّقديرُ مَوصولٌ ... بِحُبٍّ بالذي أضَفَى
ظَلَمْناكِ المدى, عِشْنَا ... بِفِكْرٍ جاهِلٍ أغْفَى
مُعاناةٌ بِلا حَدٍّ ... وقَهْرٌ أصبحَ العُرْفَا
فأنتِ النِّصفَ مِنْ كُلٍّ ... وما أهْمَلْتِنَا نِصْفَا
حباكِ اللهُ إنسانًا ... رقيقًا رائِعَا وَصفَا.

إنّ خير تكريم من المجتمعات للمرأة هو أنْ يتمّ الاعتراف بها ككائنٍ فاعلٍ في المجتمع دون تصغير أو تحقير لدورها أو إنقاصٍ لأيّ حقّ من حقوقها. لقد جاء ميثاق الأمم المتحدة — الذي وُقع في 1945 — كأوّل اتفاقيّة دوليّة تؤكد مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة. ومنذ ذلك اليوم، ساعدت الأمم المتحدة في تأطير إرث تاريخي للخطط العامة والمعايير والبرامج والأهداف المتفق عليها دوليًّا لتحسين وضع المرأة في كلّ أنحاء العالم.
وعلى مرّ السنين، عززت الأمم المتحدة ووكالاتها الفنيّة مشاركة المرأة بوصفها شريكًا مساويًا للرجل في تحقيق التنمية المستدامة والسلام الأمن واحترام حقوق الإنسان احتراما كاملا. ويبقى تمكين المرأة في مركز القلب من جهود الأمم المتحدة لمعالجة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في كلّ أنحاء العالم, ما عدا العالمين العربي والإسلامي و بسبب موروثات فكريّة ودينيّة فإنّ المرأة لا تتمتّع بحقوقها الأساسية ولا تستطيع الحصول عليها وإنْ حصلت على البعض منها فهيَ إمّا أن تكون ناقصة أو مشوّهة, وتكون جاءت نتيجةَ ولادة قيصرية تحت ضغوط دوليّة.
إنّ المرأة في المجتمعات العربيّة والإسلاميّة, تُعتبر تابعًا للرجل, والرجل يسعى جاهدًا من أجل أن تنكفئ للعمل في البيت كي لا تتحرّر اقتصاديًّا و بهذا يستطيع الرجل أن يُملي الشروط التي يريدها على المرأة بحكم سيادته الذكوريّة, و التي يراها منقوصةً إنْ تحرّرت المرأة من قيود تبعيته. وحتى موضوع الإرث فإنّ المرأة مظلومة بذلك وفي الكثير من المجتمعات العربية لا تستطيع الأم تسجيل مولودها على اسمها لتحصل على جنسية البلد له لكون أنّ والده لا يحمل جنسية البلد, أو أنّها تحمل جنسيّة بلد آخر.
بكلّ أسف إنّ هذه المجتمعات العربيّة تسير إلى الوراء بدلَ سيرها إلى أمام فالمرأة في مصر القديمة كانت حاصلة على حقوقها بالمساواة مع الرجل وكانت المرأة تمتلك الثروة والسلطة وتتبوأ المناصب والقيادة (كليوباترا) كما كان مثل ذلك في تدمر بلاد الشام الملكة (زنوبيا) بل حتى وقت قريب في الخمسينيات من القرن الماضي كانت المجتمعات العربية تعيش واقع انفتاح أكثر على المرأة من هذه الأيام, ومن غريب الأمور أنّ السلطات السعودية سمحت قبل فترة للمرأة بقيادة السيارة وأشارت إليه وكأنّه إنجاز عالمي ضخم لا مثيل له, لكنْ ولغاية اليوم وفي السعودية وغيرها من هذه البلدان المتخلفة فإنّ المرأة لا تستطيع ممارسة حريتها الشخصيّة ولا الاجتماعية بدون أن يكون معها محرم, فكيف يمكن لمثل هذه المجتمعات أن تحتفل ظاهريًّا بيوم المرأة العالمي في حين تعيش المرأة في هذه البلدان كابوسًا يؤرق أجفان حياتها؟ لهذا يجب أن يكون هذا اليوم يوم إعلان حق المرأة بالحرية والكرامة وبالحصول على جميع حقوقها كما الرجل ويجب كذلك فرض المساواة والحرية والحق بمنطق القانون وإلّا فإنّ المرأة لنْ تحصل على حريتها أو حقها كما لن تنعم بحياة العدالة والمساواة.
لقد قرأت اليوم موضوعًا منشورًا في (لها أون لاين) جاء فيه بالحرف " "يوم المرأة العالمي" الذي يراه كثيرون في العالم مناسبة للحديث عن "تحرير المرأة" ونضالها، نراه نحن مناسبة للكلام على مفهوم "التحيّز" للنموذج الحضاري الغربي الحديث، من خلال استعراض تاريخ بدء الاحتفال وإلقاء الضوء على بعض تداعياته" فكيف لمثل هذا الفكر أنْ يسمح للمرأة بأيّ نوعٍ من أنواع الحريّة أو المساواة أو العدالة؟ هو يرى في يوم المرأة فكرةً غربيّةً وكأنّ العرب يعيشون في المريخ أو في عالم آخر منفصلٍ تمامًا عن هذا العالم. عندما تتحرّر المرأة بشكلٍ صحيح فإنّها ستعي دورها الاجتماعي وتقوم به على أتمّ وجه, فهي تمتلك جميع المؤهلات لذلك وكذلك القدرة على فعله, فالحريّة هي فضاء الإبداع في جميع جوانب الحياة ومناحيها سواءً للرّجل أو للمرأة. مبروك لك يومك العالمي أيّتها المرأة المناضلة والفاعلة كأمّ وزوجة وطبيبة ومحامية وقاضية ومعلمة ووزيرة ومدرّسة ومهندسة وعاملة الخ... فأنتِ نصفُ المجتمع وتقومين بتربية النّصف الثاني منه.
_______
8/3/2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.