خذيني إليك،
حدّثيني،
فإني لا أستطيع الكلام في حضرة الصمت، حين تسودين
حدّثيني عن البحر، عن الموج،
عن نورس ضاع في السماء كقارب للموت ضل الطريق
حدّثيني عن السّر العظيم، عن الحب، عن النشوة، عن الموت،
عن الليل حين يجوع للحنين فينبت ألماً في خاصرة الصبح
عن طعم الصحو وأنت تسكرين،
عن طعم المطر، وهو يبّل يباب راحتيك،
فتشهقين
خذيني إليك
فإني اشتقت للشمس تشرق على نصف وجهي
فيما نصفه الآخر قابع في ظلمة بين نهدين
يغرق في نهر مرمري، ويعب من بقايا الظل هناك
أشتقت للشرفة وهي تطل على أرخبيل ساحر اللون
حيث يتناثر شعرك الأسود الفحمي
على طول المسافات المتناثرة بين الهضاب
وناعسات العيون، يملؤها السكون حيث المراسي،
وعلى الخُلجان بين ذراعيك حديث،
خبّريني عن ذلك الحديث
خبّريني عن قلق الصواري وهي تصطك من بَرَد الصقيع،
ومن هجيع الطيور ومن السكون
آه ما أجمل السكون وهو يخيم هناك
في كل مهبط، في كل كنون
خذيني إليك
كلّميني عن أي شيئ ترغبين
عن الخمر، عن الصلاة، عن عاشقين صوفيين
يتحّدان جسداً أثيرياً واحداً
كلّميني عن السماء، عن طرق النجوم فيها والسدوم
وعن حافات الجبال في تضاريس أرضك
عن شفتين ملتهبتين بالشوق،
ورائحة التبغ المعتق التي تفيق،
ما أن يمسها دفء النفس الصاعد إلى السماء
كلّميني عن السمرة في وجه طفل شرق أوسطي
لايخفى الحب على وجنتيه، رغم الحرب والهجرة وغربة تلوح
عن السمرة في بقعة بانت حين أرخى بعض الثوب سدوله
فيشرق وجهاً أخر في الجسد لطالما كان خفياً
كلّميني عن الرومي وهو يحدث الله في حانة على قارعة الطريق
يشكو له الحمى، يشكو له السُكر من الوجد
يشكو له الفقر، فقر الكلمات عندما تعجز عن الوصف
وهكذا أعجز، عن الوصف، عن الحديث، عن المسير
فخذيني إليك
عماد رسن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.