أهم الاخبار

مجلة نداء الرؤح لفرسان الكلمات رئيسة مجلس الادارة الأستاذه نداء الرؤح )

الأحد، 27 ديسمبر 2020

روح شقية بقلم الأديبة عطر محمد لطفي

 روح شقية

جلست لوحدها بعيدا عند ذاك الركن الخالي وبقيت صامتة ، لم تكن هكذا منذ عرفتها، هي صديقة أعتز بصداقتها لكنها بدت لي متغيرة منذ مدة، فقد أصبحت كثيرة الشرود لم تعد نشطة كما عهدتها، ذهبت اليها وجلست بجانبها ثم قلت : ما بك هل تشتكين من شيء تحدثي بما يتعبك فأنت تعلمين أنني أعتبرك أختي والله يشهد على ذلك؟.
نظرت إلي بنظرة كلها تساؤلات وطاطات رأسها، اعدت سؤلها علها تجيب وتقل ما بها.
بعد محاولات كثيرة نطقت الحمد لله، وأخيرا تحدثت صارحتني بما يخالجها .
قالت: اختاه أحس أني مخطأة ظالمة لنفسي ولغيري ، متألمة مجروحة قلبي ينزف وروحي تتعذب من تصرفاتي الشقية وألم ينخر في صدري لا يفارقني.
باحت لي بمكنون ما بها وما أصابها فعلت أمورا لا ينبغي أن تفعلها، قالت وهي تجهش بالبكاء: أنا بنت من أهل شرف وعزة وأصل ام يعلموني هكذا، لكنني فعلت أمورا لا يمكنني قولها وتصرفت تصرفات لا تمت لي ولا لتربيتي وكأنني لست أنا، إني أكره نفسي كم أتمنى أن أموت الساعة لارتاح من هذا الألم ، أختاه من أكون؟ من هذه النفس التي في داخلي؟ تجتاحني تتملكني تسيطر علي تجبرني على فعل ليس بيدي وكأني أخرى غيري وأنا أتفرج صامتة وهي تفعل بي كل هذه الأفعال المشينة ، أختاه ردي علي من هذه التي في داخلي تقتل روحي رويدا رويدا؟، كم ذللتني من تصرفاتها يقولون أنت أنت لكنني لست أنا، لست أنا بل هي التي في داخلي كأنها وسواس لا يتركني أرتاح .
سكتت ، بعد قليل رأيتها وقد تغير لون بشرتها وسادته هالة سوداء وتلك النظرة التي في عيناها يا لهول المنظر.
لقد نطقت تلك التي في داخلها وقالت بصوت خشن أخافني ، أرعبني : أنا،،، نعم أنا الروح التي في داخلها،،، أنا نعم أنا التي إستولت على هذا الجسم، أصبح لي ليس لها أفعل به ما أشاء وأتركها تبكي وتنتحب حظها ، نعم كل تصرفاتها ليس منها بل تصرفاتي ... أنا .
ضحكت بصوت مرتفع متفاخرة بفعلتها تلك قلت لها :أنت لست صديقتي من تكوني وكيف دخلتي؟ قالت :صحيح أنا لست صديقتك، أنا من تركت الكل يكرهها تركتها تصرخ في وجه أمها وأبيها وتتصرف بدون وعي حتى مع إخوتها وأصدقائها وجيرانها ، تقترف أعمالا ليست لها بل من صنعي ... أنا .
تعالت ضحكاتها في السماء ، يا لها من أنانية متكبرة ثم صمتت وطأطأت رأسها وقالت : أنت فقط من لم أستطع أن أتغلب عليها رغم كل تصرفاتي التي تركتها تتصرفها معك لكنك وقفت بجانبها ولم تتركيها لي أبدا .
قلت لها : هذا من فضل ربي لم يرد لنا أن نفترق أعطاني القوة لأحميها منك يا متغطرسة أخرجي حالا من جسد صديقتي الغالية وحسبك رب السماء يسامحك على فعلتك هذه التي اقترفتها ، جعلت قلبا طاهرا مدنسا بك .
ضحكت مجددا وقالت: من ذا الذي سيخرجني من صديقتك لم يستطع أي أحد إخراجي فأنا الأقوى والأدهى .
صمت وقلبي يملؤه إيمان كبير بأن الله ناصري إن شاء الله فهو معيني للتغلب على مكرها ودعوته أن يمدني بالقوة التي تنصرني عليها بإذن الله عز وجل .
قلت لها :لست أنا من تخرجك من مكمنك فلي رب اقوى منك وكتاب أنزل على رسوله الحبيب عليه افضل الصلاة واتم التسليم بهما أتمسك وأقتدي هو الله لا إلا هو سبحانه وبقرآنه الكريم سوف تخرجين لا محالة في كلماته وحروفه دواء للقلب المريض والروح الشقية فان لم تنصرفي من هذا الجسد فلا تعلمين ما سيلحقك من أذى. قالت: لن أخرج مهما فعلت لا تتعبي نفسك .
رتلت سورة الفاتحة والملك وآية الكرسي واواخر سورة البقرة وبدأت اكررها، فبدأت تبكي مما قلت تقول :كفى كفي أصمتي النار تحرقني .أعدت الترتيل للآيات القرآنية والذكر الحكيم وهي تصرخ وتنادي من يخلصها من هذا العذاب الشديد، قلت لها : اسلمي وقولي الشهادتين وأخرجي فليس لك هنا مكان قالت مقولتها مقولة لن أنساها أبدا مهما حييت : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدرسول الله لكنني قبل أن أرحل من هذا الجسد الفاني أقول هذه الكلمات لك قوليها لصديقتك، دخلت لهذا الجسد لأن صاحبته لا تذكر الله في أفعالها ولا تلمس كتاب القرآن الكريم إلا قليلا وتجلس طويلا في غرفتها دون ان تذكر الله وتجعل من الأغاني وما تشاهده من أشياء في عالم العولمة ذاك الذي تسمونه الشبكة المعلوماتية هوايتها ومبتغاها فترقص وأرقص معها وهي لا تدري أنها السبب في اختراقي لجسدها، ذكريها إن نست فلربما يأتي غيري إليها وغيري كثير فضعف الإيمان هو سلاحنا وقلة الذكر باب مفتوح على مصراعيه ندخل متى نشاء فلتحذري وحذريها .
رحلت بعد قول هذه الكلمات وتركت صديقتي تعبة تتنفس بصعوبة فتحت عينيها فرأتني أمامها بقيت تجهش بالبكاء، ضممتها إلي وقلت :كل هذا أنت السبب فيه ثم قصصت لها ما جرى .
غضبت من نفسها ومن تصرفاتها وقالت:عندك كل الحق صديقتي الغالية لو لم أفعل ما فعلت ما دخلت تلك الشقية واستقرت في جسمي وجعلتني أقوم بتصرفات ليست تصرفاتي أبدا ، أصبحت أمة لها تتصرف بي كيفما شاءت وضعف نفسي وتقصيري عن آداء واجبي كمسلمة جعلتني هكذا لم أقتدي بكتاب الله وسنة رسوله الكريم يجب أن تكون لدي إرادة أقوى للتغلب على كل شيء ضار يحيط بي .
ثم قالت : سألبس من الآن الحجاب سترة ووقاء، وأتوب لله توبة نصوح ولن أعيد ما فعلت مهما جرى لي ، لن أعيد ذلك فقد أخذت عظة وعرفت مقدار المكانة التي حبانا بها الله حينما اهدانا نعمة الإسلام فالحمد لله على كل شيئ .
فرحت كثيرا حينما قالت لي هذا الحديث وهدأت روحي وتنفست الصعداء بعد أن كنت قلقة عليها وقلت لها : هيا يا حبيبة الرحمان نبدأ صفحة جديدة خالية من كل هذا وتذكري أن من معه الله لن تقوى عليه أي يد فيد الله فوق الجميع .
بقلم الأديبة
عطر محمد لطفي
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏شخص أو أكثر‏ و‏نص‏‏‏
تعليق واحد
أعجبني
تعليق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.