مديح في هجاء :
سوف امتنع عن معاقبة نفسي ...
فالنغم أكثر من حيرة الاوتار
سوف امتنع عن جلد نفسي ...
فالقدم لبثت سنين في هذا الحصار
بعيدا بعيدا ..عدني في لقاء النهار
وقريبا قريبا ..خذني غائبا مستعار
سوف أمتنع عن حبس قلبي
فكل ما حولي لا يبالي الإنهيار
وكل ما حولي يسقطون فيه ولا خيار
تجدد يا وقتي لنضيء للفراشات مزيدا من النور
تمدد يا جسدي لنعيد للحظات شريدا في الصدور
تفقد يا ظلي عقلي لنشيد الأوقات في وحي السطور
لن أبالي أين سيذهب الحمام
لن أبالي توهج الليل في بئر الكلام
اشعلتموني غضبا وشوقا... واشعلتموني بيان
انقذتموني يوما ولوما... واغرقتموني بالهذيان
كفى مكوث على باحات موتي
كفى جلوس في قاعات قلبي
كفى طبول ..تدق في صوتي
كفى مجهول في روحي وجسدي
كنت في الموت سيد ...
وأصبحت لك الحياة خادمة
كنت في الصوت متجدد...
وأصبحت الخطى في خطاك عابرة
تحرر مني يا أنا ...
فأنا القتيل والقاتل والقائل ...
في كل هذا الصدى
تحرر مني واطلقني ضوء في غمار الليل
تحرر مني واطفئني رمادا في بحار الرمل
تحرر مني لآلى نعود لغيابنا ولقاء التعب
تحرر لآلى نقود لقائنا ومساء السغب
هوت أقدامي في بئر كلامي
لا استطيع الرجوع ولا استطيع الخضوع ...
هوت أحلامي في سطر بياني
لا أستطيع الخنوع ولا أستطيع الدموع ....
احرق ظلامي يا نور الشموع
تجدد في أمامي يا ماضي الضلوع
كن فؤادي يا هدوء الروح
كن ثوابي يا حريق الجروح
كن دماءي شفقا في الغياب
وزع ألواني طيفا في السحاب
وفر معي وفر مني ...
هجاءك ما عاد يصغي لصوت ميعادك
ودفاعك ما عاد يشكي لموت سرابك
انتشر في هذا الفضاء البعيد
انتشر ...ودع الوريد للوريد
لا تبالي النسيان والموت كأس
والحياة مساء لكأسان
واليقظة موت في تراب جسدان
صوتك انطلق مع النسور ...
وصمتك ظلا يلازم السطور
لا وقت لدينا للنشيد
فراشات الماضي تكثر وتزيد
وحسناوات الأغاني تعزف بالوريد
اخرج من ضجيج الزجاج
اخرج من هدير الأمواج
وارفق بروحي ساعة ...
وارفق بالحمام في موسم الزواج
ماذا تريد يا أنا ...
صوتي بدا وصداك انتهى
ماذا تريد يا أنا ...
موتي تنا وصمتك في الأفاق انتهى
انصرف بلغتي ودع الأقلام
انصرف بدمي ودع نبض الأحلام
يتيمة المشاعر وخائفة المقابر ...
أموتا هذا أم حياة شاعر
أظلا هذا لنارا لا تهاجر
انتشلني مني ...وارحل
انتظرني ولا تسأل
وارحل ولا تخجل
احملني بعيد عنك فيك ...
وارحل
سئمت من ظني ..
وسئمت من مديح وطني
وسئمت من العتاب
وسئمت من تمرد الأغراب
عجبا لكل تساؤلات النهاية
خطت بدايات وما قامت قيامة
وسردت حكايات ...
وعلت بالشهادة وعلت ولا نهاية
اطلق العنان لكل هذا البيان
واصعد بالنور من ظلم قلبان
وانهض من جرحي كما ينهض الشجعان
وقل في لغتي متى شاء الزمان
ولا تبعثرني أكثر في الألوان
فبيض القلوب لا يلوثها شيطان
وبيض الدروب خطائهم للجنان
استقيل من جرحك في وجعي ...
وطيل غيابك في مهجعي
احترقنا معا وعشنا معا ...
وبقيت حيا في روحي وأدمعي
وبقيت حيا تموت في شموخ دمي
اهجرني كي لا أهجوك ...
واتركني وحيدا ولا أرجوك
لا النجوم نجومك ...
ولا الغيث ينزل من غيومك
كل ما في الأمر أن المديح لغتي
والهجاء سطورك ...
وجسدي مقبرة لجروحك
ستموت في نفسي ...
وسيرتوي دمي من نبض روحك
بقلمي ...
أ.غسان حمدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.