اد الامانة الى من اتمنك ولا تخن من خانك " حديث نبوي شريف"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي 24-9-2018
بسم الله الرحمن الرحيم .. يقول الله عز وجل في محكم كتابه الكريم : {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً }النساء58
هذه الآية كما قال كثير من المفسرين نزلت لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح وأراد أن يدخل الكعبة ، وكانت الكعبة لها باب ، وهذا الباب له سادن أي حارس وهو عثمان بن طلحة الحجبي ، لما دخل عليه الصلاة والسلام مكة وأراد أن يدخل الكعبة ، وكان المفتاح مع عثمان بن طلحة رفض ، فقام إليه علي رضي الله عنه ولوى يده وأخذ منه المفتاح ، ففتح علي رضي الله عنه الباب ودخل عليه الصلاة والسلام ثم خرج ، فلما خرج نزل قوله تعالى {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا }النساء58 ، فأتى علي بالمفتاح إليه ، فقال عثمان أخذته قسرا وقوة وعدت تعيده إليَّ برفق ولطف ؟ قال نعم ، إن الله سبحانه وتعالى أنزل فيك قوله تعالى {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا }النساء58 ، فقال أوحصل ذلك ؟ قال نعم ، فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .
وهذه الآية وإن كانت نزلت في عثمان بن طلحة إلا أنه عامة لكل الخلق ، ولذلك يقول العلماء [ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ] يعني ليست العبرة فيمن نزلت فيه ، بل تشمل من نزلت فيه وتشمل غيره ، فغيره مأمور بأن يؤدي الأمانة إلى أصحابها ، ما هي الأمانة المذكورة في كلام الله سبحانه وتعالى ؟
الأمانة المذكورة في كلام الله سبحانه وتعالى تشمل – على القول الصحيح – تشمل ما هو حق لله عز وجل وما هو حق للمخلوق ، والأمر هو منه سبحانه وتعالى أمر شرعي ، يعني يمكن أن يفعله البشر ويمكن ألا يفعلوه {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ } أمرا شرعيا { أن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا } لم ؟ لأنكم تحملتموها ، كيف ذلك ؟ قال تعالى
{ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً }الأحزاب72
التكاليف الشرعية عرضت عرضا حقيقيا – وهذا هو الصواب – أن هذا العرض حقيقي ، عرضت الأمانة على السماوات وعلى الأرض وعلى الجبال ، فقيل لهذه الأشياء إن قمتم بها أثابكم الله وإن لم تقوموا بها عاقبكم الله { فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا }
وأمره عز وجل للسماوات وللأرض وللجبال ، والجبال من الأرض ، لكن لماذا ذُكر أمر الجبال هنا مع أن الجبال من الأرض ؟ لأن الجبال مع عظمتها وهي من الأرض أبت أيضا ، لأن في الأرض ما هو ضعيف مثل النبت ، مثل الحصى الصغير ، لكن الجبال مع أنها من الأرض أشفقت ، لأن الأمر عظيم { لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ }الحشر21.
كيف تعرض التكاليف على هذه الأشياء ، هل السموات والأرض والجبال يفقهون أمر الله ؟
نعم ، قال تعالى { لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ }الحشر21 ، وقال تعالى { وَإِنَّ مِنْهَا } يعني من الحجارة { لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ }البقرة74 ، وقال تعالى عن السماوات والأرض { قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ } ، وقال تعالى { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً }الإسراء44 ، والحصى سبَّح في يد النبي صلى الله عليه وسلم ، الشجر كان يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن إدراك ذلك لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى أو من يطلعه من البشر كما هو حال رسولنا صلى الله عليه وسلم .
والسماوات والأرض والجبال لم يلزموا بهذا ، لو أُلزمن بهذا لفعلوا ، ولما عصوا أمر الله عز وجل ، ولكنه أمر تخيير { فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا } لأن هناك جنة وهناك نارا ، لكن آدم عليه السلام لما عرضت عليه { وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ } يعني آدم عليه السلام ، ليس تهاونا منه عليه السلام بشرع الله – كلا – لكن لعلو همته ، ففي هذا فضل لآدم عليه السلام ، فعالي الهمة إنما ينظر إلى ما هو أعلى ولو كان شاقا ، كما قال الشاعر :
إذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام
إذا كانت نفسك كبيرة فيا ويل جسمك منك ومن نفسك ، لكن إذا كانت النفس ضعيفة هزيلة خامدة ، هذه ولو كان لها جسم كبير كالجمل ما أفادته ولا رفعته
{ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً } الضمير هنا لا يرجع إلى آدم عليه السلام ، وإنما يرجع إلى من فرّط في الأمانة ، كما جاء بعدها ، فقد قسَّم الله عز وجل الناس تجاه الأمانة ثلاثة أقسام ، منهم من أظهر الشرك ، ومنهم من أبطن الشرك والكفر وأظهر الإيمان وهم المنافقون ، ومنهم من انقاد للإيمان ظاهرا وباطنا وهم المؤمنون ، قال تعالى :
{لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }الأحزاب73 ، - سبحان الله – مع أن أكثر الخلق هم شر وفي النار إلا أنه سبحانه وتعالى بيَّن أنه غفور رحيم ، ختم الآية بقوله { وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } لم يقل { إَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }
فهذا يدل على سعة رحمته عز وجل ، الشاهد من هذا أن الضمير راجع إلى الإنسان الذي فرَّط في الأمانة ، سواء كان مشركا أو منافقا .
{ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً }
أصل ابن آدم كما قال شيخ الإسلام رحمه الله " الظلم والجهل " أصلنا ننساق إلى الظلم وننساق إلى الجهل ، لكن هناك من يرفعهم الله عز وجل عن هذا الدنس الوضيع إلى أعلى ما يكون { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا }الشمس9 ، وإلا فأصل ابن آدم هو الظلم والجهل ، ولذلك لا يطمئن أحد إلى نفسه ، ولذلك في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ( ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين )
قال تعالى :
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا }
الصلاة أمانة ، الزكاة أمانة ، الحج أمانة ، الودائع التي عندك أمانة ، السر الذي بينك وبين أخيك المسلم أمانة ، ولذلك صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال ( إذا حدثك صاحبك ثم التفت فهي أمانة ) كونه يلتفت هي قرينة تدل على أنه لا يريد أن يسمع كلامه أحد ، ففي هذا تأكيد على أن السر الذي أخبرك به هو أمانة .
{ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا }
فلو أديت الأمانة إلى غير أهلها هل برئت ذمتك ؟ الجواب لا ، لا تبرأ ذمتك إلا إذا أديت الأمانة إلى صاحبها أو إلى وكيله الذي وكله في قبض هذه الأمانة ، وإلا فلا تبرأ ذمتك ، والأمانة أمرها خطير وهي سترفع من قلوب الناس ، ولذلك في الصحيح في حديث حذيفة قال حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديثين رأيت أحدهما وأنا أنظر الآخر ، حدثنا ( أن الأمانة نزلت في جذور قلوب الناس ) يعني الأصل وجود الأمانة ( ثم نزل القرآن والسنة فتعلموا منها ، ثم حدثنا أن الرجل ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها كالمجل كجمر دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبرا وليس بشيء )
يعني مثل الجمرة إذا وقعت على جسمك تكون بارزة وفيها ماء ولكنه ليس بشيء ، وهذا يدل على أن الأمانة زالت من قلوب الناس ولم يبق فيها إلا مثل هذا الأثر ، ثم قال ( حتى يقال إن في بني فلان رجلا أمينا ) من قلة الناس ( حتى يقال للرجل ما أعقله ما أظرفه وليس في قلبه حبة خردل من إيمان )
هنا مسألة : لو كانت هناك أمانة لك عند شخص فجحدها وليس لك بينة عليه ، فقدَّر الله عز وجل ووصل إلى يدك شيء من ماله أتجحد ؟
هذه تسمى بمسألة الظفر ، يعني ظفرت بشيء من مال ذلك الرجل الذي خانك ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما عند أحمد ( أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك ) والمسألة فيها خلاف بين أهل العلم ، لكن ابن القيم رحمه الله يقول يجب أن يطبق هذا الحديث ( أدِّ الأمانة لمن ائتمنك ) اللهم إلا إذا كان السبب ظاهرا بحيث إنك لو جحدت هذا الشيء ما نُسبت إليك الخيانة ، لأنه قال ( ولا تخن من خانك )
مثل : لو أن امرأة كانت تحت زوج بخيل ولا ينفق عليها ، والنفقة عليها واجب في ذمته ، فظفرت بشيء من ماله أيجوز لها أن تأخذ ؟ نعم يجوز لها أن تأخذ لأنها لو أخذت من هذا المال ما نسبت إليها الخيانة ، لأن الأمر ظاهر ، ولذلك لما قالت هند رضي الله عنها كما في الصحيحين ، قالت ( يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح ، وفي رواية ( مسِّيك ) على وزن فِعِّيل يعني مبالغة ( لا يعطيني وولدي ما يكفيني ، قال خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف )
إذاً خلاصة القول في هذه المسألة أنه لو جحدك شخص حقا فظفرت بشيء من حقه فلا تأخذه إلا إذا كان السبب ظاهرا بحيث لو أخذته ما نُسبت إليك الخيانة ، وهنا تجتمع الأدلة .
ثم قال عز وجل :
{ وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ }
هذا شامل للجميع ، يعني لو أن شخصا كان قاضيا فيجب عليه أن يعدل بين الناس ، لو أن شخصا لم يكن قاضيا ولكنه نصِّب من قبل شخصين نُصِّب على أن يحكم بينهم فيجب عليه أن يتحرى العدل { وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ } لأن السماوات والأرض ما قامت إلا بالعدل ، ولذلك إذا انتفى العدل واضمحل وزال من الأرض خربت السماوات والأرض وقامت القيامة ، فما قامت السماوات والأرض إلا بالعدل { وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ }الرحمن7 ، يقول شيخ الإسلام رحمه الله كما في الفتاوى " إن الله لينصر الدولة الكافرة العادلة على الدولة المسلمة الظالمة "
ثم قال عز وجل :
{ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ }
{ نعما } صيغة مدح ، يعني ما مر من أداء الأمانة ومن الحكم بين الناس بالعدل ممدوح ، وكلمة { يَعِظُكُم بِهِ } تدل على أن الشرع كله وعظ ، بعض الناس يقول بعض العلماء ما عنده وعظ ، هذا ليس بصحيح ، فقوله تعالى { إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ } يدل على أن ما سبق وهو الحكم بين الناس بالعدل موعظة
ولذلك قال القرطبي رحمه الله " من بين مَنْ هو واجب عليه العدل المفتي الذي يفتي للناس يجب عليه أن يعدل في فتواه ، لأنه سيميز بفتواه بين الحق والباطل .
{ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً }النساء58
فإنه سبحانه وتعالى سميعا لكل ما يقال { يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى }طه7 ، بصير بكل ما في الكون ، وفي ختام هذه الآية بهذه الاسمين الجليلين تجعل العبد يكون في رهبة من أن يفرِّط فيما أُمر به مما مضى ، لأنه إذا علم أن الله عز وجل يسمع قوله هل يقدم على ما يغضب الله ؟ لا ، إذا علم أن الله عز وجل يعلم حاله وشأنه هل يقدم على ما يغضب الله عز وجل ؟ لا .
وليس معنى { كان } أي فيما مضى – لا – فكان تدل على الاستمرار والدوام ، كما أنها تفيد الشيء في الماضي تفيد أيضا الدوام والاستمرار .
وفقني الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح
واليكم قصة عن الامانة
كان هناك رجل صالح حسن الخلق يتقي الله في قوله وفعله يسكن في مكة المكرمة يدعي سعيد، وكان هذا الرجل فقير بسيط الحال، وذات يوم اشتد عليه الجوع لأنه لم يأكل اي طعام منذ ثلاثة ايام وليس لديه ما يكفي من المال لشراء الطعام، فخرج هذا الرجل الي بيت الله الحرام لعله يجد هناك صديقاً يقترض منه بعض المال ويشتري الطعام ليسد جوعه قبل أن يموت من شدة الجوع، وبالفعل خرج الرجل وبينما هو يسير في ارض الحرم وجد كيساً فأخذه وذهب به الي المنزل وعندما فتحه وجد به عقداً ثميناً من اللؤلؤ النادر، فعاد الرجل من جديد الي الحرم بعد أن ترك العقد في المنزل لعله يعثر على صاحب هذا العقد . وبينما هو يسير في طريقة رأي شيخاً كبيراً ينادي ويقول : من وجد عقداً في كيس فله خمسمائة دينار، فقال سعيد في نفسه : انا جائع وليس لدي مال، سوف اعطيه العقد وآخذ منه الخمسمائة دينار لانتفع به وارد الذي في العقد الى صاحبه، اتجه سعيد الي الشيخ الكبير وقال له : ارجوك يا سيدي صف لي شكل الكيس والعقد بدقة، فبدأ الشيخ بوصف العقد والكيس الي سعيد وشرح له لون العقد وعدد حباته وعندها تأكد سعيد ان هذا الشيخ هو صاحب العقد فأعطاه له، اخرج الرجل خمسمائية دينار واعطاها لسعيد، ولكنه رفض ان يأخذها وقال للشيخ : لا اريد الاجر والثواب الا من الله عز وجل، فانصرف الرجل وهو يدعو له بالخير والرزق الواسع .
خرج سعيد من مكة واستمر في مسيرته حتي وصل الي البحر وركب مركباً بحثاً عن الرزق في مكان آخر، فانكسر المركب وغرق الناس ونجا سعيد بعد أن عثر علي لوح خشبي تعلق به حتي وصل الي شاطئ جزيرة، دخل سعيد الي الجزيرة وجلس في احد المساجد يقرأ القرآن، فلما دخل الناس الي المسجد في وقت الصلاة، سمع احدهم قراءة سعيد فقال له : ما رأيك في أن تصلي بنا وتعلمنا القرآن فقد توفى إمام المسجد منذ أيام فوافق سعيد على ذلك وحصل له من وراء ذلك الخير الكثير والمال الوفير .
وهكذا عاش سعيد علي هذه الجزيرة فترة طويلة احب الناس واحبوه وأراد ان يزوجوه فأختاروا له فتاة جميلة تقية هي ابنة امام المسجد الذي توفي، وعندما رآها كانت المفاجاة التي جعلته يثبت في مكانه، حيث وجدها ترتدي العقد الذي وجده بمكه من قبل، فساله الناس عن سر دهشته فأخبرهم القصة التي حدثت معه، فصاح اهل الجزيرة وقالوا : الحمد لله ، فسالهم سعيد عن سر فرحتهم فأخبروه ان الشيخ الذي اخذ منه هذا العقد يكون والد الفتاة وامام المسجد، وكان دائماً يردد : والله ما وجدت في الدنيا مسلما أفضل من هذا الشاب الذي رد لي هذا العقد… وكان يدعو ويقول : اللهم اجمع بيني وبينه حتى أزوجه من ابنتي ، وها انت ذا تتزوج منها الآن بعد وفاة ابيها، فاستجاب الله عز وجل دعائه وحقق له امنيته بعد موته .
يقول سعيد : لقد بقيت مع هذه الزوجة الصالحة فترة وكانت نعم الزوجة ورزقني الله عز وجل منها ولدين، حتي توفت فورثت العقد انا وهذين الولدين، ثم مات أبنائي فبعت العقد بمائة ألف دينار ظللت أنفق منها وأتفرغ لطلب العلم والدعوة إلى الله طوال حياتي .
"د. صالح العطوان الحيالي "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.