أهم الاخبار

مجلة نداء الرؤح لفرسان الكلمات رئيسة مجلس الادارة الأستاذه نداء الرؤح )

الأحد، 2 فبراير 2020

قصة قصيرة ذلك الرجل ...الغريب بقلم وعد الله حديد

قصة قصيرة
ذلك الرجل ...الغريب
بقلم وعد الله حديد
في 27حزيران2019
وينتفض الرجل من سباته,ينفض عن وجهه غبار السنين ,ويلعن شظف العيش , يغالب القهر والفقر بصبرواناة ,ويذهب يمارس عمله هناك في زحمة المدينة وفوران الشخوص والفوضى العارمة التي تجتاح كل ركن وزاوية .
يجد له مكانا متواضعا يتربص فيه ,ويجلس القرفصاء بسبب ضيق المكان ,يستند بجسده النحيل الى الفراغ فبقعة الارض التي افترشها فوق الرصيف لاجدران لها,غير مكترث بأشعة الشمس المحرقة ,وان حل الشتاء سريعا فلا يهمه زخات المطر ولسعات البرد ,ولا يعنيه جلبة المكان والفوضى ,انه المحارب رغم انفه وكبر سنه , يصمد قويا بوجه الرياح وتداعيات الرصيف المثقل بالاتربة والنفايات.
لقد حضر الى هذا المكان باكرا وجلس على الارض ,بثياب مهلهلة وجسد نحيل تقوس بفعل الزمن ,وملامح وجه تطغي عليه تضاريس غامضة, اما يداه فقد بدا عليهما هزال واضح وظاهرهما بالغ التجاعيد والتعقيد,جاء الرجل سعيا وراء رزقه وترك وراءه افواها مشرعة تشبه مناقير صغار الطيورتنتظرمن يضع فيها شيئا ليشبع جوعها .
انه ربما كان اسطورة لهذا الزمن ,فالمطاولة تنتعش في عروقه,فهو لا يعرف الوهن يوما ولم يطاله اليأس ,وان عرف جسده وهنا فليس له الخيار ان يعترف به ,فقد اختصر الوقت وخلف وراءه سنين عمره السبعين من اجل لقمة عيش حلال وحياة افضل .
وها انذا اتوجه بهمة ونشاط الى حيث يرتمي ذلك الرجل بجسده الضئيل وسط هذه الفوضى العارمة,يخالجني شعور بالغبطة ان يكون هنالك موضوعا يستحق النشر .
حثثت الخطى وكأنني امام سبق صحفي اخاف ان يجد غيري طريقا اليه,
انني على بعد خطوات من المكان الذي سألتقيه فيه ولكنني لست ارى ذلك الرجل ,هل ان الشمس الهبت جسده او اعياه الصخب والضجيج فقرر المغادرة مبكرا ام انه انتقل الى مكان قد يكون اوفر رزقا واكثر امنا,وربما يكون منع من مزاولة صنعته على الرصيف .
لقد راودتني تلك التساؤلات وغيرها ضمن بضعة امتار تفصلني عن مكان تواجده,ولكن..
ليس من اثر لوجوده او حتى لأي شئ يدلل على انه كان متواجدا في المكان منذ وقت قريب.
وذهبت اسأل عنه بضعة اشخاص يجاورونه في بقعة الارض,قلت :
اين ذهب الرجل العجوزمصلح ال..؟
واختلط الامر علي وانا استمع الى ما يقولونه ,لقد عقدت الدهشة لساني, انهم يتكلمون بلغة مفهومة ولكنني وجدت انها لاتعني شيئا ,لم يخطر ببالي ان استمع ذلك الذي سمعته ,انهم يقولون ان الرجل قد انتقل الى العالم الاخر ,ولدهشتي الكبيرة وشدة حزني فقد تلعثمت وبالكاد استطعت ان اردد في سري الى رحمة الله,و فاتني ان اسأل عن ظروف وفاته.
ترى هل سيجد اولاده والاحفاد من يعيلهم ام سيزاحمون المتسولين الاخرين من الصغار عند اشارات المرور,
لا ادري..
وتركت المكان ولم التفت ورائي ورحت اتمتم بكلمات ليس بينها ترابط ولا تعني شيئا,
لقد كان الرجل مثالا طيبا للانسان المكافح الصابر ,وان من حالفه الحظ وحظي بلقائه وهو على قيد الحياة فقد تعلم منه الكثير ,,,فالصبر والمطاولة والتحمل هي اقل مايمكن ان نطلقها صفاتا لذلك الرجل وهي من اولويات مايمكن ان يكون منهاج عمل في هذه الحياة,
(انه مصلح منظمات الغاز الذي كان يحتل مترا مربعا من المكان عند بوابة سوق الاربعاء ويضع فوق راسه (كونيه)كي تقيه من الشمس المحرقة),
وعد الله حديد..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.