أهم الاخبار

مجلة نداء الرؤح لفرسان الكلمات رئيسة مجلس الادارة الأستاذه نداء الرؤح )

الثلاثاء، 2 يونيو 2020

قصه رحمة وحياة بقلم احمد علي صدقي


قصة قصيرة
العنوان:
رحمة وحياة.
في قرية ما، كانت تعيش فتاتين: رحمة و حياة. رحمة، فتاة عادية الملامح ليست بجميلة ولا بقبيحة. فتاة تعيش في عائلة فقيرة نخر الفقر أحشاءها وعرى للطقس اعضاءها. مات أبوها وهي صغيرة في حضن أمها. في سنها السابع ادخلتها امها المدرسة رغم صعوبة ما تتطلبه هذه الاخيرة من نفقات. أما حياة فكانت فتاة جميلة جدا. تعيش في عأئلة متوسطة الحال. كانت أمها المريضة بسرطان الرحم تناديها بأميرة البيت. ماتت وتركتها وهي في عامها الرابع... كبرت في كنف حنان جدتها . كان ابوها يأخذها معه دائما الى مقهاه حيث يقضي جل اوقات فراغه. التقت رحمة بحياة في المدرسة... كانت تكبرها بعامين حين جمع الزمان بينهما وكانت الطريق التي تجمع بينها الى المدرسة قد وطدت صداقتهما... غادرتا المدرسة مبكرا. ارغمهما على هذا الانقطاع الدراسي، اليتم و ظروف عائلية خاصة...تركتا المدرسة بندم لتتفرغا للعمل قبل نضجهما. 
غادرت رحمة المدرسة لعدم قدرة أمها تلبية ما تتطلبه المدرسة، أما حياة فغادرتها حين تزوج أبوها بعشيقته النادلة التي كانت بالمقهى التي كان يتردد عليه. كانت قد اقترحت عليه أن يدمجها في ميدان العمل لتتعلم كيف تعتمد على نفسها واخبرته بان لاخيها حانة بالمدينة وهو بحاجة لمن يسير أموره. نفذ الزوج رغبة زوجته ودفع بابنته الى مكان قذر كطعم لجلب السكارى بجمال وجهها ورشاقة جسمها وهي في عنفوان شبابها... 
وهكذا افترقت الفتاتين وضاع مستقبلهما... رحمة، ضيعها فقرها ومرض امها، وحياة ضيعها جمالها وارضاء ابيها لرغبة عشيقته. اصبحت رحمة راعية غنم عند أحد الفلاحين. تدوس اشواك الغابة والسهول وراء قطيع اغنامها؛ كانت، رغم قساوة الظروف، تحب عملها هذا لأنها مضطرة لاعانة امها. كانت تحبذ في رعي الغنم حرية التصرف و التنعم بنقاء الهواء وأغاريد الطيور. أما حياة فقد دخلت مكان قذارة تقضي يومها بين زبناء لا يكفون عن التحرش بها. تتأقلم مع معاملاتهم من مغازلات وشتم وغيرهما، ومع الايام اصبحت تعتبر الشتم والغزل سوى سيا. فاصبحت هي من توزعهما على الكل. قادتها معاشرة السكارى لتصبح مثلهم، تتناول الخمور والمخدرات و تشتم الزمان و المكان ومن به كانسان. نسيت حياءها و استبدلته شبقا يلائم جو المكان الذي تملأه تعاسة قوم يبحثون عن سعادة في كؤوس نبيذ ودخان سجائر رائحتهما تزكم الانوف من اميال. كانت أنغام الهوى والشبق بهذا المكان القذر هي التي تراقص قلوب هؤلاء الأغباء من اشباه-الرجال. 
بينما كانت رحمة ترجع الى البيت مساء وقد أشبعت أغنامها، وبيديها ما اختارته من اجمل الزهور البرية لتقدمها هدية لامها المريضة وهي راضية عليها، تقبلها وتحتضنها حتى الصباح لتوقظها للذهاب لعملها أما حياة فكانت ترجع الى بيتها وقد ملأت جيوبها بما قطفته من دراهم من زبنائها. تفرغها لزوجة ابيها وتنام لوحدها وابوها المغلوب على امره يتأسف ولا يتدخل. مع مرور الايام ولأن دوام الحال من المحال، طفح الكيل وبلغ سيله الزبى عند حياة فخاصمت ابيها وزوجته وغادرت المنزل متخذة الحانة مسكنا لها، تقطف أشواك خزيه وعاره.
هكذا وزعت الحياة على كل واحدة من هاتين الشابتين ماجادت به عليهما ظروفها.
كبرت رحمة وتزوجت من ابناء احد جيرانهما. رجل بقال بالمدينة. ماتت أمها بعد ان زوجتها وفرحت بعرسها البسيط. اما حياة فلم يعد احد يعرف عنها شيئا. مات أبوها وباعت زوجته داره التي اشتراها زوج رحمة البقال. سكنت رحمة منزل حياة فما زادها هذا الا تساؤلا عن مصيرها وشوقا للقاءها ولكن... 
كان زوج رحمة يذهب كل صباح الى دكانه الذي يبعد عن القرية ببضع كيلومترات على دراجته النارية ليرجع الى بيته في المساء وهو محمل بما استطاع اخذه من الاكل والشراب لزوجته.
ذات مرة طلب من زوجته ان ترافقه للدكان لكي تعينه على تنظيفه وتنضيم سلعه... وهما بالدكان؛ هيأ الزوج قطعة خبز بها جبن وقال لزوجته: 
- هذا فطور امرأة اعتادت ان تأتي عندي كل صباح لتناوله. امرأة متشردة لا حول لها ولا قوة... انهمكا في عملهما فإذا برحمة تسمع صوتا ينادبها:
- رحمة! أأنت رحمة؟ التفتت فوجدت بباب الدكان امرأة متشردة تتلهف لمعانقتها. قالت لها: 
- من انت. أجابت:
- الم تعرفيني؟ قالت: 
- لا. قالت:
- انا حياة. اخذت رحمة رأسها بين كفيها وقالت:
- حياة! انت حياة؟ صديقة المدرسة؟ لا حول ولا قوة الا بالله! ثم خرجت عندها تعانقها والدموع تخنقها. نظر الزوج الى المشهد وهو مندهش لا يعرف ما يجري. ادخلت رحمة حياة الى داخل الدكان واخبرت زوجها بقصتها وطلبت منه أن يذهب الى البيت ليأتي لها ببعض الثياب تلبسهم صديقتها حياة. ذهبت رحمة بحياة للحمام وابدلتها ثيابا خيرا من ثيابها واخبرتها بموت ابيها وفي المساء عرضت عليها الذهاب معها الى بيتها واخبرتها بان زوجها اشترى من زوجة ابيها بيتهم الذي اصبح بيتها الزوجي وستكون جد مسرورة لو قبلت ضيافتها ومشاركتها السكن هي وزوجها في هذا البيت التي كان بيتها من قبل.


احمد علي صدقي/ المغرب
من الحجر الصحي بمونتريال كندا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.