التضحية بالنفس من اجل حياة نفس
ذلك ما اراه يفوق الحب....
الألم يعتصر قلبه و هو يراقب طفله يصرخ بعد أن خرج من العيادة برفقة زوجته ، هناك أخبرها الطبيب ان طفلهما يعاني من مرض نادر في القلب ... فقط هذا كل ما اخبرهما به بعد أن دفعا فاتورة أتت على كل مدخراتهما ...
لم يعد يدري ما عليه فعله لكي ينقذ فلذة كبده، كان على استعداد للتضحية بنفسه فقط ليكتب فصلا جديدا من حياة ذلك الطفل الذي لم يعد يدري ما يعاني منه .كل ما كان يستطيع فعله هو الانتظار و لا شئ غير ذلك !
بعد سنوات الطفل الصغير أصبح شابا، ذات بينما كانت الأم في البيت إذ رن هاتفها ليخبرها احد أصدقاء ابنها ان هذا الأخير قد سقط مغشيا عليه في الجامعة و انه تم نقله إلى المستشفى، لم تستطع ان تتمالك نفسها و بدأت تبكي بكل حرقة. بعد قليل اتصلت بزوجها لتخبره بما حدث و هي بالكاد تستطيع الوقوف ...
كان الشاب شبه ميت ، موصول باسلاك كثيرة وقفا الزوجان يراقبان طفلهما الوحيد ،بعد لحظة حضر أحد الأطباء ليخبرهما ان الأمل الوحيد لكي يبقى على قيد الحياة هو ان يجدا قلبا جديدا ...هذا ان لم يرفض جسده هذا العضو الغريب !
نزل عليهما الخبر كالصاعقة فانهارت الام ارضا ليقوم زوجها بحملها بمساعدة الطبيب لتقوم ممرضة بعد ذلك بحقنها بمهدى. بعد ساعات استيقظت الزوجة ذهبت إلى الغرفة حيث ابنها لكنها لم تجده ، كان السرير فارغا ! خرجت و سألت إحدى الممرضات لتخبرها أنه تم نقله إلى غرفة العمليات ...
مرت ثلاث ساعات منذ جلست على المقعد المقابل للغرفة و بين الحين و الآخر تخرج ممرضة لتعود مسرعة ، أحست في لحظة ان قلبها سيتوقف في أي لحظة من قلقها المتزايد .
فجأة يخرج طبيبان و برفقتهما ممرضة فوقفت في مكانها غير قادرة على الكلام و بعينيها ألف سؤال ..
نظر إليها أحد الطبيبين ،نطق و كأنه قد أنزل حملا ثقيلا :
" الحمد لله لقد كتب لابنك عمر جديدا .."
من فرط فرحها بدأت الدموع تنهمر و أمسكت يده و قبلتها و اخذته في حضنها ، بدأ التأثر على محيا الطبيب الشاب و لم يحرك ساكنا .
بعد لحظات سألته ان كان بإمكانها رؤية ابنها فأشار بالموافقة فانطلقت و الابتسامة مرسومة على وجهها من فرط فرحتها .
كانت جالسة في مكانها تنتظر ذلك الطبيب الشاب و قد ابلغتها الممرضة أنه يرغب في رؤيتها ، بعد قليل دخل و حياها ثم جلس في مكانه كان كمن يبحث عن كلمات ضاعت منه ...
" لا ادري ما أقول لك سيدتي فعلا انا في حيرة من أمري ، صدقيني لم أرد ان أقوم بهذا الامر لكن احسست انه من الواجب على احدهم ان يخبرك ...
-" ما الأمر هل ولدي بخير ؟ هل هناك من خطب يا دكتور ؟"
رد بصوت حاول أن يبقيه طبيعيا :
" لا ابنك بخير يا سيدتي، أشكر الله أنه قاد إليك بعد ان اعتقدنا في لحظة أنه لا أمل في ذلك ... ( أراد ان يتوقف عن الحديث لكنه اعتقد انه ان فعل ذلك سيفقد السيطرة على نفسه )
حسنا ... انه من حقك ان تعرفي أنه ان كتب لابنك عمر جديد فذلك بفضل الله أولا و بتضحية زوجك ...
لا ادري ان كان يجب علي تهنئتك على شفاء ابنك ام اعزيك على موت زوجك ..."
لم يعد قادرا على الاستمرار فغادر المكتب و دموعه تسيل بصمت لأول مرة يتغلب الإنسان على الطبيب منذ ان أصبح طبيبا جراحا ...
لأول مرة أدرك أن الموت قد يحمل في طياته حياة جديدة و حزنا مزمنا قد يفسد حلاوة العيش .
امي ثم امي لكن ابي لكن ابي لن يكرره الزمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.