بسم الله ارحمن الرحيم
قادة التاريخ
" جيش غزوة مؤتة الشهداء"
تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات / الأردن
ذاع في كافة أرجاء بلاد الشام في مملكة قيصر، والجزيرة العربية وأطرافها وكل الدنيا خبر الغدر برَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ الحارث بن عمير الأزدي، من قبل الغادر شرحبيل الغساني، وهذه إرادة الله وقضائه وحال الحارث يوافق حديث رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ قَالَ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ قَالَ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ..."فأطبقت الدنيا على ذلك الخبر في مشارقها ومغاربها، والآن كل شيء أخذ بالحسبان واستنفرت كافة الاستعدادات وماذا سيكون رد الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه عليهم من الله الرضوان، طبعا الرومان على إطلاع واسع بقوة المسلمين وعتادهم ورجالهم وأحوالهم إلا أنهم لم يكن بحسبانهم" أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا " "..لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ " فالدولة الإسلامية دولة ناشئة وفتية عمرها الزمني ثماني سنوات، والدولة الرومانية جذروها ضاربة في أعماق التاريخ وراسخة ومتقدمة وتملك كافة متطلبات الحياة وخوض المعارك بأريحيه، الآن الرسول صلى الله عليه وسلم بدأ يهيئ العدة والجيش في المدينة المنورة رغم قلة ذات اليد والظروف المحيطة به فاليهود عقد معهم المعاهدات على عدم الاعتداء ومعاونة الآخرين على المسلمين إلا انهم كعادتهم يميلوا حيث مصالحهم وهذا جانب مخيف، والاعداء الآخرين القبائل من كل جانب تطمع وتطمح في القضاء على المسلمين ويرون فرصتهم مواتية، أمام هذه الظروف الصعبة وهي أول حرب خارجية يخوضها المسلمون أمام جيش متمرس ونظامي وتكوينه العسكري من أقوى الجيوش في زمانه وصاحب خبرة عسكرية مميزة...الخ وجيش المسلمين ثلاثة آلاف مقاتل أي جيش هذا هو عبارة عن سرية بالنسبة لجيش العدو بسيطة، وفي نظر كافة قادة العالم العسكريين والخبراء الميدانيين، المعركة محسومة سلفا لجانب الطرف الآخر دون جدال والنصر محال، وقبل معرفة قوة الجيش المقابل الرومان، فعلى سبيل المثال خبرة الجيش الإسلامي جديدة غير بعيدة إلا المنال، والظروف المحيطة بالمدينة اليهود والقبائل كلهم يضمرون في نفوسهم السوء والنكران، والإمكانيات العسكرية المادية قليلة بالنسبة للجيش الإسلامي، والإمدادات بكافة أنواعها غير متوفرة سواء مادية أو معنوية أو رجال أي جميع الإمكانيات وضعت في إعداد الجيش ولا يوجد غيرها، وبعد المسافة ما بين بلاد الشام والمدينة المنورة وسعة مسافة الصحراء وتضاريسها ووحشتها فهذا كله يستنفذ من قوة الجيش وتعبه وحركته، والجيش الإسلامي سيقطع في عباب الصحراء ما يقارب ألف كيلو ليس هذا بالأمر البسيط، ووصول الجيش لبلاد الشام يحتاج لوقت للراحة والتجميع والتوزيع والأعداد من جديد، أضف لهذا فالديار جديدة عليهم ولم يعهد الجيش الإسلامي المقاتلة والمناورة فيها، ولا خبرة له بالقبائل والمكامن المحيطة بالجيش فالدنيا قد أطبقت عليهم إلا من الله، بنظرة عادية بشرية عبارة عن جيش منقطع في الصحراء لا ورائه إمداد وأمامه عدو لدود بجيش جرار يحمل عليه الحقد والدمار، ومع أن الجيش الإسلامي هو المهاجم ويحملون في نفوسهم فَوَ اللَّهِ مَا غُزِيَ قَوْمٌ قَطُّ فِي عُقْرِ دَارِهِمْ إِلَّا ذَلُّوا، بالرغم من الظروف المحيطة بهم التي ذكرت آنفا ، فهذا يعكس اثار نفسية ومعنوية ونظرة في نفوس الجيش الروماني من مغامرة الجيش الإسلامي النامي الذي سيغزوهم في دياره غير هياب ولا يحسب لقوتهم وعددهم مع علمه بهم أي حساب، وهذا كله يدل دلالة واضحة على خبرة وحنكة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام عليهم من الله الرضوان والأهم من ذلك هداية الله وتوفيق الرحمن، وهو أول جيش يسمي الرسول قادته الميامين الأبطال بالترتيب المراد وهم قادة أفذاذ, ويسير الجيش على بركة الله وتيسيره، ولنا لقاء مع قادته العظام شهداء الميادين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.