الاثنين، 28 ديسمبر 2020

دجنبر 2020 28 الليلة الباردة الثانية بقلمي مريم الوزاني

 28 دجنبر 2020

الليلة الباردة الثانية
في ليلتي هذه، أنا في حديث معمق مع الأرق الخاص بي، أحاول إقناعه ألا يمضي وقتا طويلا برفقتي هذه الليلة ، فقلة النوم ستسقطني أرضا، و ألم الرأس ينهش روحي ، وسواد العينين أصبح زينتي.
استسلمت كعادتي، وأفرغت الحلبة محوقلة
ذهبت إلى المطبخ لأجهز لي بعض الشاي الساخن، وبعدها أجر قدمي جرا نحو السطح في محاولة لاشغال الأرق عني بخلوة مع النجوم غارقة في حضن السماء.
تركت الشاي فوق نار هادئة، وذهبت إلى المرآة كي أعدل حجابي قبل أن أصعد إلى السطح
نظرت إلى المرآة، رأيت وجها دافئا ، و عينين واسعتين، وحاجبين كثيفين، نعم حاجبين كثيفين
سحبت شريطا أرشيفيا، مرت عليه تقريبا سنتان، وقتها كنت لا زلت في الثانوية، أتممت الحصص الصباحية ، وأسرعت إلى محطة الباص داعية أن أجد مكانا مريحا وسط الزحام فقد أهلكني التعب
وصل الباص، فانكب عليه الطلاب مندفعين، لوهلة تخيلت الباص الأزرق سيارة نقل مدرسي صفراء، فقد كان خلال فترة الظهيرة أكثر من نصف ركابه هم تلاميذة و طلاب
صعدت ووجدت زاوية فارغة آمنة أقف فيها، آتى بجانبي شاب مع صديقته المزينة، بدأ برش كلمات الغزل الكاذبة عليها و البلهاء تبتسم
للحظة بدأ بالكلام بنبرة مرتفعة بقصد التفاخر و أن يُسمِّع كلامه :
- نحن في 2019 ، و لازالت هنالك فتيات ، الله يهديهم ، لا يهتمون بمظهرهم، لدرجة أن يتركوا حاجبيهم كثيفين دون أن تعديل، و لايضعون أي احمرار للخد، ألا يخافون على البشر بلون وجههم المصفر.
لكن أنا محظوظ ، فجميلتي تهتم بنفسها و بمظهرها و بنعومة يداها الجميلتان، حقا أنا محظوظ
لم أبد أي رد فعل ، رغم أن نظراته كانت تثقب كثفي، وكلماته تنهش روحي نهشا
وصلت محطتي ، وسقت قدامي مباشرة إلى المنزل ، رميت حقيبتي، وأطلقت سراح دموعي الحبيسة ، بكيت يومها بكاءا صامتا حارقا، أحسست بإهانة و بكسر لم أستطع أن ألملم شتات نفسي بعده...
غسلت وجهي و ذهبت إلى أمي ، فنظرت إلي مبتسمة :
- لم أراك عندما أتيت ، كيف مر صباحك ؟
لقد أحببت مظهرك اليوم كثيرا ، لاق بك المعطف الأحمر ،و الحجاب الأسود اظهر بياض بشرتك و صفاءها مع سواد ملامحك بشكل رائع
لقد صدمت من كلام أمي ، لاتعلم الغالية بما سُممت أذناي، لكن أصلحت كسري بجملة عفوية منها...
البشاعة هي آثار التعب التي تشكلت على هيئة هالات سوداء ، أو حب الشباب الذي ظهر نتيجة اضطراب في الهرمونات أو التغييرات الهرمونية التي لا دخل لي فيها بأي شكل من الأشكال
و حاجباي المرفوعين تماما دهشة ، أو منخفضين تماما شرودا أو حزنا
أتحدث بالألوان ، الدهشة لونها أصفر ، والخوف مع الحزن أزرق ، والخجل أحمر ، و حين أكون منطفئة أكون رمادية.
أحب وجهي المريض ، وهالات عيناي الجميلتان، وحاجباي البريئان، ويداي الخشنتان من آثار البرد اللتان لاتؤذيان أحدا.
أحب نفسي كما أنا ، والأهم من كل هذا أن ملابسي التي لم تناسب أذواقهم هي ملابس محترمة نظيفة
ليس المظهر الخارجي كل شيء عند الفتاة ، يجب الاتصاف بجمال الروح الذي يظهر طمأنينة على وجهك، وينعكس ذوقا في نفسك، وصفاءا في خلقك، و يبدو نغمة حلوة في صوتك...
أيقظني من شرودي هذا ، إبريق الشاي الذي نسيت أمره تماما، لقد سكب كاملا فوق الموقد
لأكمل ليلتي مع الأرق في التنظيف ، لكي لا تبدأ أمي بي صباحها .
بقلمي مريم الوزاني
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏شخص أو أكثر‏ و‏لقطة قريبة‏‏‏
أعجبني
تعليق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.