الجمعة، 26 أكتوبر 2018

قصه العَرُوسَةُ بقلم أَ. د/ مُحَمَّدٌ مُوسَى

  القصة القصيرة   
   العَرُوسَةُ  
 كَانَتْ تَتَمَتَّعُ بِجَمَالِ آخاذ فِي طُفُولَتِهَا ، بل ومنذ ولادتها ، حتى أن أمها كانت لا تجعل أحد من النساء يراها خوفاً من أن تحسدها ، وظلت النساء الأقرباء تأتي لبيتها وهن حوامل لتتوحم عليها ، عسى الله أن يرزقهن بمثلها وجمالها ، والغريب أن النساء تشتهي أن تأتي بولد ليكون سندا لها ، إلا بعدها كن يشتهين بنات بمثل حسنها ، فالكُلُّ أَخَذَهُ جَمَالُهَا ، ومنذ صَغِرَها حَتَّى أَنَّ الجَمِيعَ مِنْ الأَهْلِ وَالجِيرَانُ ، قَالُوا لَهَا وَلَامَهَا عِنْدَمَا تَكْبُرُ سَوْفَ آآخذها عَرُوسًا لإبني لحسنها ، وَكَانَتْ سَعِيدَةً وَالعُيُونُ تُلَاحِقُهَا ، ليست فقط عيون الرجال بل عيون النساء تلمحها ، وَيَقُولُوا لِكُلِّ حَامِلٍ فِي الأُسْرَةِ أو خارجها تعالي وتَوَحَّمِي عَلَيْهَا لِتَأْتِيَ اِبْنَتَكَ فِي جَمَالِهَا ، وهيهات أن تحمل أنثى بمثلها ، وَظَلِّ جَمَالُهَا يَزْدَادُ مَعَ الأَيَّام ، وَظُهِرَتْ أُنُوثَتُهَا بِكُلٍّ وضوح ، فزاد حسنها حسناً وزاد جمالها ، وأفضل مراكز التجميل لم تكن تستطيع رسم جمالها ، ولا تنسيق قوامها ، وهذا مِمَّا جَعَلَهَا مُمَيِّزَةً عَنْ كُلٍّ مِنْ حَوْلِهَا ، مِنْ بَنَاتِ العَائِلَةِ وَالجِيرَانِ وأقرانها ، وَهِيَ تُلَاحِظُ عُيُونَ النِّسَاءِ قَبْلَ الرِّجَالِ تَشْهَدُ لَهَا ولجَمَالِها ، فتتعمد السير بطريق تزيد من دلالها وجمال قدها ، وَتُسَابِقُ كل الشباب عَلَى اِلْتِمَاسِ وَدِّهَا ، وأتاها من لا يريد إلا الجمال وجسدها ، وَوَجَدَتْ كُلٌّ مَنْ يَأْتِيهَا لَا يُنَاسِبُ حسنها ، وَلَا يَلِيقُ بها وبِجَمَالِهَا ، فَهِيَ تُرِيدُ كل مَنْ يَأْتِي لِكَسْبِ وَدِّهَا ، أَنْ يَكُونَ مُثَقَّفًا وَغَنِيًّا ويملك ما لا يملكه إلا زوجها ، فإذا الكل لا َيَسْتَطِيعُ أَنْ يُلَبِّيَ طَلَبَاتِ جَمَالها ِ، ومما كانت تفعله بعد خروجها من حمامها أنها ، كَانَتْ تَقِفُ أَمَامَ مَرْآةِ بيتها ، تَنْظُرُ إِلَيَّ صُورَتُهَا وجسدها ، وَتَقُولُ مِنْ مَثَلِي فِي جَمَالِي يا مرآة وقف أمامك وقلتي لها؟ ، وهكذا كانت أغلب أيامها عشق لجمالها وجسدها ، وَمِضَتْ الأَيَّامُ أَسْرَعُ مِمَّا هي ظُنَّتْ أنها ، فقد تصورت أن الزمان سيقف فقط ينظر لها ، أو مثل البشر يفتن بجمالها ، فَإذا هِيَ تفيق من ضلالها ، بعد أن وجدت أَنَّ الزَّمَانَ لم َيَقِفُ مَبْهُورًاً بها ، فإِذَا هى فِي عُمْرٍ يَقْتَرِبُ مِنْ الأَرْبَعِينَ فقد جرت السنوات وتسربت أيامها ، وَنَظَرَتْ فِي مِرْآتِهَا كَعَادَتِهَا فَوَجَدَتْ أَنَّهَا نَسِيَتْ زَمَانَهَا ، وشعيرات مِنْ الشَّيْبِ تُطِلُّ مِنْ شَعْرِهَا ، فتحصرت على حالها ، عندما َنَظَرَتْ هي حَوْلَهَا ، فَإِذَا كل البنات أصبحنا أمهات وهي البنت الوحيدة في جيلها ، وحتى تَكَادُ أَنْ تَعيشَ وَحِيدَةً باقي أيامها ، وَتُذُكِّرْتُ مَنْ كُنَّ يَقُولَنَّ لَهَا عِنْدَمَا تَكْبُرِينَ سَوْفَ آآخذك عَرُوسًا لإبني بعد أن فتن بجمالها ، فَضَحِكَتْ بحسرة لِمَرَّآتِهَا ، وَقَالَتْ هَا أَنَا قد كَبُرْتُ فَأَيْنَ اِبْنُكَ العريس هَذَا يا من يوماً تودتي لي بقولها.
   أَ. د/ مُحَمَّدٌ مُوسَى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.