الأربعاء، 13 يونيو 2018

قصة قصيرة / طائرة ورقية / بقلم/ أمل الياسري/ العراق

قصة قصيرة
طائرة ورقية
يراهُ الناسُ صغيراً، يعيشُ في ملجأ من الورعِ والزهدِ، يحبُّ اللونَ الأصفرَ، لأنَّهُ لونُ الغيرةِ والفقرِ والدفءِ، مع كتبِه يلتهمُ الحروفَ بنهمٍ، ويقرأُها بتمعنٍ لينثرَها في سماءِ بلدهِ الجريحِ، ثم يمزقُها ليصنعَ طائرةً ورقيةً من الكلماتِ، عباراتُهُ تقطرُ دماً، قرعَ جرسَ الإنذارِ، ثمةَ قصفٍ جويٍّ للعدوِّ، جمعَ طائراتِهُ الورقيةَ ذاتِ الصفحاتِ الصفراءِ، حيثُ لم يشتريها أحدٌ، وطارَ بِهنَّ الى موقعِ التفجيرِ، وابنُهُ تحتَ الأنقاضِ مخاطباً إياهُ، والضابطَ المسؤولَ عن أمنِ منطقتِهِ يسمعُ: بُني لقد أصبحَ المتجبرُ صغيراً، ذليلاً، حقيراً مقابلَ قطراتِ دمِّكَ المليئةِ بالكرامةِ والبراءةِ، فجغرافيةُ جسدِكَ الصغيرِ، ومهنتي البسيطةِ الصغيرةِ صنعْتُ منهما طائرةً ورقيةً الى الجنةِ، فسقطَ على الأرضِ مفارقاً الحياةَ، أمامَ ركامِ بيتِهِ المصنوعِ من الصفيحِ، أما الزوجةُ التي ذهبَتْ لشراءِ الخبزِ والماءِ، فقد جمعَتْ بقايا الورقِ الأصفرِ وملابسَ طفلِها، حفرَتْ قبراً، واعتصمَتْ في منطقةِ التفجيرِ، منتظرةً لقاءَ زوجِها وابنِها، حتى وإنْ كانَتْ أولَ ليلةً من العيدِ.
أمل الياسري/ العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.