الثلاثاء، 12 سبتمبر 2017

لحظات مع الذات بقلم صلاح الورتاني

لحظات مع الذات
الإنسان خلق ضعيفا .. يبدأ بالقوة وينتهي إلى الضعف .. تنتابه لحظات قلق
من عدة أشياء : الخوف من المستقبل ، مستقبل البلاد ، علاقته مع العباد ..
كذلك لحظات تمحيص ، يتذكر الماضي الجميل وذكريات الصبا ، فيسرح
بخياله الخصب إلى حيث تلك الوقفات الجميلة مع أصدقاء بررة ، لا يعرفون
الكذب والبهتان ، يتكلمون بتلقائية دون تزويق للكلام وإتقان . إذا ما وعدوا
وفوا ، وللأمانة صانوا .. رغم صعوبة الحياة وعدم توفير عديد المستلزمات
إلا أننا كنا نعيش بعفوية دون تخمينات .. اليوم ضاع كل شيء وفات ..
اليوم ، البعض لا الكل ، كل شيء عندهم بحساب ولا يهمهم الأصحاب ، أصحاب
مصالح وحسابات .. لا يتمتعون بلذات ، يركضون وراء الشهرة الكاذبة على
حساب الصادقين الأوفياء ، ولا يكترثون بالود والصفاء ، يسرقون فرحة الضعيف
بمكر ودهاء . حياتهم كلها ترف ، لا يهمهم بمن مات وأتلف ..
اليوم كلنا نتساءل في حيرة ما الذي جرى ؟ لماذ تغيرت طباعنا وفقدنا الحب
ولذة الحياة ؟ لماذا لم نعد نقدر مشاعر بعضنا ولا نسأل ؟ لماذا نتعلل بالظروف ؟
لماذا حياتنا أصبحت كلها خوف على خوف ؟ .. 
إنها الطمع والجشع وحب الذات ، لم نعد نسمع غير أصوات تتعالى في المنابر
وصيحات ، لم نعد نسمع موسيقى عذبة تطرب الروح ، ولا حبيب قلبه يهفو
لحبيبته وبالسر يبوح ..
رغم التقدم التكنولوجي الذي يشهده عالم اليوم ومن تقريب للمسافات ، وللتواصل
الإجتماعي عبر القارات ، إلا أنه لا وجه للمقارنة بين ماضينا وحاضرنا بالذات .
إنسان اليوم صار يلعن هذا التقدم الذي إلتهم كل لحظاته الجميلة وطول الوقت 
الذي يجلس فيه للمطالعة والذهاب لدور السينما والثقافة واللقاء بأعز الأصدقاء ..
ولم يعد تتوفر له فرص للمتعة واللقاء .. صار الهاتف الجوال يختصر المسافات
ويقلل من اللقاءات ، وصار النت يتحكم فينا وفي لذاتنا ومتعة الحياة ..
أين جمعنا بالأمس في دور الثقافة وتلك الأنشطة المتعددة والمواهب المتقدة شعلة
وحماسا وهواية ، اليوم ضاع كل شيء وأصبح حكاية .. لذلك تعددت في زماننا
الإنتحارات للضيق وضنك الحياة ..
ليته لم تكن لا تكنولوجيا ولا ثورات حتى ننعم باللذة وسحر الحياة ..

بقلم ـ صلاح الورتاني
تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.