الحلقة الثالثة......... يوميات سائق
استدار نحو السائقين؛ لعله يجد فيهم سندا. فلم يحصد من ورائهم إلا أعناقا تشرئب اتجاه ذلك الوافد الجديد؛ وكأنه إضافة غير مرغوب فيه، الخلاص منه أهون من الإبقاء عليه.
لم يكونوا بأحسن حال من صاحبهم، الجاثم على أرزاقهم؛ درهم مقابل توصيلة. وجوه شاحبة وأجساد متراخية، ولا حياة لمن تنادي؛ وكأنهم بعثوا احياء من قبورهم من بعد ممات، سكارى وما هم بسكارى.
ولا حظ لهم إلا في سوق الملابس البالية، يكاد الشح يميتهم؛ اللهم ما قل ودل، يكفيهم سد رمق العيش وبالكاد داخل سيارة الأجرة، والعين كل العين على من سيأتي عليه الدور؛ لغو مسترسل بدون هوادة، أقرب ما يكون من قبيل لغو العوانس، ولا شيء فيه غير البداوة والبداوة.
احس بدوران برأسه، غلب عليه كبريائه؛ عالم غريب عنه، اختلط فيه الحابل بالنابل وتمخض عنه الشقاق والنفاق عنوة وقصدا؛ ليبقى الكبير كبيرا والصغير صغيرا.
أصيب بخيبة أمل، لم تكتمل فرحته ولا حيلة له سوى مجاراتهم.
انسحب بشرف وكله إصرار على تخطي الصعاب، والبحث عن ضالته بعيدا كل البعد عن اسوار هذه المحطة.
عبدالاله ماهل
المغرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.