قصة قصيرة
بقلم: مرشد سعيد الأحمد
صديق السوء
عاش خلف طفولته في إحدى القرى القريبة من نهر الجغثم في تل ألمگأصيص حيث لعبت الطبيعة الخلابة دوراً هاماً في صقل وتكوين شخصيته إلى جانب الكثير من الصفات الأخرى كالأناقة والوسامة والصوت الجميل في الغناء والعزف على المزمار والربابة مما جعله معشوقاً من قِبل أغلب بنات المنطقة فتعلم أصول العشق والحب والرومانسية منذ نعومة أظافره.
بعد حصوله على شهادة البكالورية العلمي التحق بجامعة حلب ليتابع دراسته في كلية الهندسة.
واستطاع خلال فترة قصيرة أن يكوّن علاقات واسعة مع زملاؤه وزميلاته في الكلية من خلال كرمه وسخائه والدبلوماسية التي يتمتع بها أثناء تعامله مع أصدقائه
تعرّف على صديق حلبي في الكلية اسمه عبدو
والده من كبار تجار السويقة إحدى الأسواق العريقة بحلب و تمتاز عائلته بالالتزام الديني والطيب والكرم ويد والده مفتوحة لكل فقير ومحتاج.
أما عبدو فلا يعرف من حياته سوى ثلاثة أشياء وهي
المدرسة للتعلم والجامع للصلاة وتعلم أصول الدين والفقه والبيت لِبر الوالدين.
استطاع خلف خلال فترة قصير أن يغيّر سلوكه عندما ذهب معه إلى السينما لحضور فيلم شبه إباحي للفنانة
إغراء بعد أن أقنعه بأن الله يحب من عباده الخطّأون التوّابون ومن هنا كانت البداية لسلسلة من السلوكيات الأخرى مثل الوقوف مع بعض الزميلات وتلطيش بعضهن الآخر والجلوس في الحدائق و الملاهي وغيرها.
مما أوقعه في حب إحدى الزميلات التي بادلته عن بعد نظرات الإعجاب وعندما حاول التحدث معها والتعرف عليها صدته قائلةً باللهجة الحلبية: # نحن يا زميل جايين نتعلم مو جايين نحب ونعشء أي نعشق #
مما أثار غضب خلف فقرر الانتقام منها
فتوجه إلى أحد زملاؤه واسمه مصطفى الذي يمتاز بضخامة جسمه وطول قامته وكبر رأسه وطلب منه الجلوس معه لشرب فنجان من القهوة في مقصف الكلية وقال له: هل تسمح لي بالتحدث قليلاً بحياتك الشخصية
فقال له: تفضل
فرد عليه خلف قائلاً: لاحظت منذ فترة أن زميلتنا التي تلبس الجلباب الكحلي والحِجاب الأبيض تبادلك نظرات الإعجاب وتحاول التقرب منك وأنت # مطنشها# أي متجاهلها.
فأرجو منك يا أخي أبو طيف أن ترحمها وتصارحها
بمشاعرك تجاهها . ونصيحتي لك بأن مستقبلك مع هذه الفتاة لما تتصف به من دين وخلُق وسلوك الحسن
وعليك المبادرة بالتواصل معها لان البنت دائماً تحب الشاب الجريء والمغامر الذي لا يهاب الصعاب.
فبدأ بملاحقتها ومحاولة التقرب منها دون جدوى
وكل صباح يستقبله خلف عند باب الكلية ويحرضه عليها ويقول له :
# تابع هذا دلع بنات وتكبير راس وأنت لازم تكسّر رأسها #
مما دفعها أَخِيرًا إلى الانقطاع عن الدوام بالكلية
وعندما علم عبدو بما جرى لها أُنَبِّه ضميره وأحس انه ارتكب خطيئة كبرى بحق هذه البنت
فتوجه إلى دار الإفتاء في حلب ليجد سبيلاً للتكفير عن خطاياه والتوبة عن كل عمل قام به في حياته الجامعية
بسبب خلف وتصرفاته
فقال للمفتي العام: أنا شاب ملتزم دينياً منذ ولادتي
تعرفت على شاب من تل ألمگأصيص اسمه خلف
استطاع أن يُغَيَّر سلوكي وارتكبت معه الكثير من الخطايا وسرد له قصة البنت وما جرى لها
وأضاف قائلاً:
وكلما قررت يا شيخي الابتعاد عنه والتوبة أجد نفسي ضحية بين يديه يوجهني كما يشاء وأنا لا حول ولا قوة لي على الرفض
فرد عليه المفتي العام قائلاً:
# يا بني هذا الرجل استطاع أن يحرقك إلى الطريق الخطأ لأن الشياطين كلها معه
اما انت فلا يوجد معك سوى ايمانك الضعيف امامه
يا مسكين #
انتهت
بقلم: مرشد سعيد الاحمد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.