الأحد، 29 نوفمبر 2020

( من كتابي ( ومضات نورانية من حياة سيد البشرية ) الكاتب : محمد فؤاد أبو بطه

 من كتابي ( ومضات نورانية من حياة سيد البشرية)

الكاتب: محمد فؤاد أبو بطه
الطبعة: الأولي2009
رقم الإيداع: 2009/7680
الترقيم الدولي: 3-6857-17-977
الحلقة(19)
× ترتيب البيت :
كانت يثرب عبارة عن أحياء! بين كل حى والآخر مسافة ليست بالقريبة وليست بالبعيدة وليس بمفهوم الأحياء في مكة ! وكانت هناك منازل لليهود وكان لابد أن يرتب النبى البيت من الداخل لتستقر الأمور الاجتماعية، ووضع اطاراً شرعياً للتعامل مع المشاكل والأزمات الحياتية اليومية وغير اليومية بين المسلمين الأنصار والمهاجرين بعضهم البعض ،و بين المسلمين من ناحية و اليهود من ناحية أخري! تم تغيير اسم يثرب ليصبح المدينة المنورة لأنها أنارت بنور قدوم النبي ونور الإسلام الذي أصبحت عاصمته وحاضرته الخالدة !.
كان لهذا التصرف البسيط معانى كثيرة! من أعظمها أن النبى أصبح له القائد الآمر فى المدينة ! ثم أن اليهود بموافقتهم على ما فى هذا الكتاب إقرار منهم بعظمة مكانة النبى محمد وأصحابه من المهاجرين والأنصار! ومنها أيضا أن المسلمين أصبح لهم شأناً كبيراً فى الاتفاق والتفاوض وتغيير أسماء الأماكن القديمة والمعروفة لدي العرب جميعا !.
يمكننا القول أن هذه الوثيقة بمثابة إعلان مولد الدولة الإسلامية وقائدها النبى محمد.
كما أن النبى آخى بين المهاجرين والأنصار فى صورة من أعظم صور تجسيد الشخصية الإسلامية على مر العصور! ليتنازل الأنصارى عن أجمل زوجاته ليتزوجها أخوه المهاجر! إنها قمة الإخوة والإيمان والإيثار! وأن يقتسم الأنصارى داره وماله!.
إنها عظمة النبى ! فلم يفعلها نبى قبله ولو كان من أولى العزم من الرسل!.
آخى النبي بين المهاجرين والأنصار فكل مهاجر له أخ من الأنصار إلا أنه آخى بينه وبين ابن عمه علىّ بن أبى طالب! و آخى بين عمه الحمزة بن عبد المطلب وبين زيد بن حارثة والذى كان اسمه من قبل زيد بن محمد! كان النبى اذا أراد أن ينام أحداً فى فراشه اختار واحداً من آل عبد المطلب ،وعندما آخى بين المهاجرين والانصار آخى بينه وبين واحد من آل عبد المطلب! وقد يسأل سائل لماذا لم يؤاخى بينه وبين الحمزة ؟! إن زيد بن حارثة وعلىّ بن أبي طالب كفلهما النبى ! فالأول احتفى به بعد أن اعتقه وسماه زيد بن محمد والآخر اختاره من بين أبناء أبى طالب ليساعد عمه فى تربية أبنائه بالإشتراك مع عميه الحمزة والعباس! كما أن النبي والحمزة أخوان من الرضاع فلابد أن يكون أخ كبير مع أخ صغير! ما كان يجب أن يكون سوى ما حدث ،النبى وعلىّ، والحمزة وزيد .
نقول هذا لأن المتطرفين فى حبهم لعلىّ بن أبى طالب شقوا الصف الإسلامى فقسموا المسلمين إلى سنة وشيعة ولم يسأل أحد المتطرفين نفسه : أكان على سنياً أم شيعياً ؟!
سؤال ساذج! ولكن يجب أن يكون المحب تبعاً لهوى المحبوب وليس عكسه! فكيف لا يسب المحبوب – عليّ -أصحابه أمثال عثمان وخالد بن الوليد ويسبهم هو والعياذ بالله؟!.
يضيفون الأوهام والخيالات وينسجون الأساطير ويغيرون فى صيغ الآذان والشهادة ويوجهون السباب لكبار الصحابة رضوان الله عليهم ويتمادون فى غيهم ! لو كان فى نفس الرسول شىء لقاله لأبى بكر وعمر وعثمان والزبير وهؤلاء ليسوا بغرباء! فالأول صاحبه بنص القرآن الذى لا يستطيع أى انسان أن يبدله أو يجادل فيه! والثانى الفاروق الذى أعلن المسلمون عن أنفسهم بعد إسلامه وتقدمه الصف الثانى الموازى للصف الأول الذى يقوده الحمزة بن عبد المطلب! والثالث ذو النورين الوحيد الذى تزوج اثنتين من بنات النبى! والرابع ابن عمته والملقب بحوارى الرسول! ما الذى يمنع الرسول من إعلان أى انسان خليفة له ؟! لم يكن هناك شىء يمنعه من ذلك ولو كان النبى حدد أى انسان -مهما كان صغر سنه- خليفة له لأقر الصحابة كلهم بلا استثناء وفى مقدمتهم أبوبكر وعمر!.
لا ينسى المسلمون أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمّر عمرو بن العاص ذات مرة واختلف عمرو مع أبى عبيدة فيمن يؤم الجند فى الصلاة حتى استقر الأمر علي عمرو بن العاص وفي الجند أبوبكر وعمر وأبوعبيدة ! لم يعترض أبوبكر أو عمر بل كانا من الجند المطيعين ! لقد نفذ أبوبكر وعمر ما اتفق عليه الأمير مع قائد الجند فما بالنا اذا كان الرسول قد حدد خليفة أو أوصى إلى خليفة بالاسم؟ ماذا كان سيفعل أبوبكر وعمر سوى الامتثال والطاعة؟! ولا ننسي أن عمر كان جندياً فى جيش أسامة بن زيد صغير السن واستأذن الخليفة أبوبكر- بعد وفاة النبي- القائد الشاب أسامة فى عمر ليبقى معه بالمدينة ليساعده فى تدبير شئون المسلمين فى مرحلة عصيبة من تاريخ الإسلام! وهى مرحلة ما بعد وفاة الرسول وبدء حروب الردة ! لا يفوتنا أن ننوه إلى قصة الآذان والتى رواها عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه أخو بلحارث ابن الخزرج والتى أكدها عمر عندما سمعها فمن أين جاء المتطرفون فى حب علىّ كرم الله وجهه بما أدخلوه فى الآذان ؟! .
إن مكاشفة النفس هى بداية الطريق الصحيح لعودة الأمة إلى وحدتها صف واحد اسمه المسلمون وليس السنة أو الشيعة ! والتى انقسمت كل طائفة منهما إلى مذاهب مختلفة وكأننا اتخذنا أصحاب المذاهب أنبياءً مثلما فعل النصارى مع الحواريين وكان يجب أن يكون اختلاف العلماء رحمة ! ولكننا بما نفعله هذه الأيام جعلنا الاختلاف نقمة وانقساما! فمن يتبع مذهب يظل عليه ولا يأخذ برأى مذهب آخر ونسوا حديث السيدة عائشة عن النبى نفسه ولن يكون هناك من هو أفضل من النبى الذى نحن بصدد ومضات نورانية من حياته " ما عرض على النبى أمران إلا أخذ بأيسرهما ما لم يكن حراماً فإن كان حراماً كان أبعد الناس عنه "
وعندما عرض الصحابة رضوان الله عليهم موقف اختلاف عمرو مع أبي عبيدة لم يقل النبى أن أيهما أخطأ ولكنه الاجتهاد والرأى! هكذا كان يتعامل النبى فأتى المسلمون ليجعلوا من أصحاب المذاهب أنبياءً و رسلاً ! لم يفكر المسلمون للآن فى العودة إلى قبضة اليد القوية بل يحيون بالأصابع المتباعدة! فأيهما أقوى قبضة اليد أم الأصابع المتفرقة؟! .
أننى أؤمن أننا – كمسلمين – لن تكون لنا قائمة إلا اذا عدنا أمة واحدة انصهرت فيها كل الطوائف والمذاهب لنعود خير أمة أخرجت للناس.
إلي اللقاء في الحلقة(20)
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏شخص أو أكثر‏ و‏نص‏‏‏
فهدالصحراء الجرئ، Bahaa Meheesn وشخصان آخران
٨ تعليقات
أعجبني
تعليق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.