البحث عن الاهل...
هذه ليست رسالة بل نداء من عمق الروح
نانا اللقيطة التي عاشت في ملجأ وجدوها ملقات أمامه وبعد أن كبرت سألت نفسها أين أهلي ؟
عرفت ان لا أصل لها وقالت إذا كانت البداية هكذا فكيف ستكون النهاية? وإذا
كانت البدايات تقود إلى النهايات ففي اي ملجأ ستكون نهايتي? هل سيكون
لحياتي معنى على هذه الارض كباقي البشر ام أنني ساعيش ميتة بين الاحياء?
فكرت كثيرا. وقررت أن تخوض المعركة بعقل وارادة وتصنع نهايتها بيديها وسالت
ثانية هل انا قادرة على مواجهة مصاعب الحياة وحيدة? هل علي الاستمرار
ام انهي حياتي على باب هذا الملجأ وتكون النهاية نتيجة حتمية للبداية?
وبقي السؤال حائرا بلا جواب وقررت أن تستأذن بالخروج للبحث عن اهلها ربما
تتمكن من الوصول إلى طريق تجد بنهايته الإجابة على أسئلتها وبعد نقاش مجهد
مع المديرة سمحت لها بالخروج لمدة أسبوع بشرط العودة إلى الملجأ لتناول
الطعام والنوم و زودتها بالارشادات اللازمةوعند عودتها قصت حكايتها
كان البحث شاقا وصعبا فقد كنت أبحث عن وهم لا أحد يفهم أسئلتي ولا انا افهم
الجواب وبعد انتقالي من حي إلى حي وصلت حي اكواخ الخشب والصفيح وعيدان
القصب القائم على أطراف المدينة المتخمة بالأبراج والفلل والقصور والشقق
التي يعيش فيها المتخمون وجلست هناك على مقعد مهترئ في حديقة بائسة اكل
خضرتها وازهارها الإهمال ورحلت بعيدا انظر إلى تناقضات الحياة وفي التفاتة
سريعة رأيت رجلا مسنا يجلس في ظل شجرة فذهبت وجلست بجانبه وانا شاردة الذهن
لا أدري ماذا أقول إلا أنه قطع علي حبل شرودي سائلا: لماذا أنت حزينة
بنيتي? لماذا أنت هنا لوحدك? قلت: جئت ابحث عن وهم. عن خيال.عن لا شئ
وانفجرت بالبكاء فما كان منه إلا واخذني في حضنه وهو يمشط شعر راسي
بإصابعه طالبا مني الهدوء واخباره قصتي كاملة ليساعدني
وللمرة الأولى أشعر بالدفئ والحنان في حضن هذا الرجل وانا في حضنه حكيت له حكايتي قال:
منذ زمن بعيد سكن على أطراف هذه الحديقة رجل كان يعتني بها ومعه امرأة
تساعده وكانا يعيشان لوحدهما وعلمت أن زوجته ماتت بعد ولادتها طفلة تركها
الرجل في مكان ما ورحل ولم يعد ولا استطيع القول انك انت ابنته فلا أحد
يعرف ما جرى بعدئذ .
شكرته وعدت مسرعة دون أن أصل إلى ما يفيد سوى أنني
خرجت من رحلة البحث هذه انسانة مجهولة الهوية مجهولة المستقبل تقابل
الحياة وحيدة ولكنني قلت لنفسي أنني امتلك العقل والإرادة والتصميم على
تغيير هذا الواقع
عندئذ ضمتها المديرة إلى صدرها وقبلتها على جبينها
للمرة الأولى وهي تقول: باركك الله بنيتي واعانك على إسعاد نفسك. الإنسان
بفكرعقلاني سليم وقرار جرئ وعمل نشيط وتصميم على النجاح يحقق هدفه في
الحياة والقوي يصنع نفسه بنفسه
شعرت للمرة الأولى ببؤس من ليس له أم وشعرت أن الأم هي نسغ الحياة وترياقها
قبلت يد المديرة وطلبت منها أن تكون امالها ودليلها على طريق المستقبل
ليس لنانا أم وآهل ولكنها بدأت تصنع اهلا لها بعقلها وارداتها وحسن سلوكها وتصرفاتها
جرجس لفلوف سورية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.