ملكة اللغة وحروف من رماد :
قمرا يوشك أن ينام في ضلوع الأحبة
مطرا محبوس في فاه السماء ...
يوشك أن يصرخ بأخر صرخة
وقدرا يعلق فينا الرثاء ...
لنهجو التعب وتغفر الندبة
ذكرى أحادية المشاعر
وأوراق من سحاب ...
كتبت عليها صور الغياب
كأني حزين ...
وكأني مسافر
كأني سجين...
في حريتي ودمعي المعاصر
كأني لا استطيع الذهاب
ولا استطيع الإياب
ولا استطيع الموت ...
حتى في السراب
هي تتألم من فرط الحنين
ولا تستطيع النوم ...
على راحتيها السنين
ولا يستطيع النوم ...
في عيونها العاشقين
هي مفتاح الألم إذا كسر الباب
ونفذ الحبر في وعيد الكتاب
وتجهل ما تقول ..
وتقول وما أكثر السراب
تصرخ في نور صوتي ...
تنادي علي باسمي ...
وتقبل التعازي في حضرة لغتي
تولد الحروف ثانية ...
وترتق عبائة الكلام
وبغير قصد ..تستجمع قواها
في صوتي ولا تنام
وتصدح بالأشعار
رغم طول الحصار
لا تعاتبني ولا تغازلني ..
فأنا سنبلة من فضاء
ولؤلوة في ضمير الشعراء
كأنها رؤى في الخطى
كأنها ملكة الحرف واللغة
كأنها تبتاع الروح في ليالي الدجى
وحدها خطت في وحدي
عانقت روحي حين مزقت جسدي
تطارد الهذيان في ألواح الألباب
وتنثر الأزمان في حضور الغياب
تفرغني من مبالاة الواقع ...
كأشلاء حية في نبض المعامع
ترى... هل للثبات فينا عيب
وهل للأوقات كتبت بلا ذنب
قلبت المقادير ...
وانتشر الزمان
وتزينت الألوان في الضمير
واشتهرت الغوغاء ...
وعلت منابر البغاء
وساد الجنون واقترب المنون
وها هنا يكون ...
ما لا يجب أن يكون
يكون ما لن يجب أن يكون
أجراس بابلية تعلو القمم
وأنفاس فردوسية رغم الحمم
وجدران فرعونية بناها الألم
وحضارات للحب في معابد الأبجدية ..
ترفع العلم
شموع تحترق ولا تضيء
ودموع غرقت فيها عيون البريء
وابتهالات واحتفالات ...
ووطن يتكدس في الكلمات والأصوات
أشلاء موتى ...وصيحات
في شفاعة قتلى
جنون وعظمة
وأمجاد تضيء حتى في السواد
وتعتم كلما اقترب الميعاد
على جرحنا يبنون الفنادق
ومن جرحنا حفروا الخنادق
وفي جرحنا طرقت المطارق
صيب من فوقه صيب ...
تعب حتى التعب وتعب القلب
ووجع لاخر ما خبىء الغيب
كواليسهم هي حقيقتهم ...
والأداء مقنع في دور العرض
أكاذيبهم هي قصيدتهم ...
والسماء تقلع من سور الأرض
ارتفع قليلا أيها الطيف ...
كي نبصر الحقيقة
ارتفع قليلا بغير عطف ...
كي تحيا القصيدة
مشاعرنا صارت هشة
أسوارنا أساسها قشة
ولا بلاء ولا بقاء
وتزدان الإرادة بالشقاء ...
بلاء ولا علاء
وتزدان الكتابة بالفضاء ...
وترتفع المآذن ...
بنداءات القلوب
وطول الدروب
استوقفيني قليلا كي امضي بغير تعب
الموت حق وهذا الغياب اقترب
نسيت وجعي وتذكرت في السماء السبب
وابتلعتني لغتي حتى صارت في نفسي عجب
ترواضني على الكلام واراوضها على السغب
واقول الحقيقة رغم كتمان النصب
ورغم مفاتن الخلوات ورغم دوي الطرب
صدق أو لا تصدق ...
بكل ما أوتيت من سبب
انا مازلت احترق ولا لهب
ولغتي تأكلني بأنياب الندب
وتعاتبني وتغازلني ...
كامرأة كلما فررت منها ...
لحقت بنفسي ولا هرب
ولا غنى عن عذاب النفس والعتب
وراحة الروح تكمن في حضور الصخب
والبقاء في الوهم حي حتى لو انقطع السبب
بقلمي ...
أ.غسان حمدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.