الجمعة، 28 أغسطس 2020

اكتئاب روح بقلم مريم الوزاني

 اكتئاب روح

اخترت ان ألطخ بياض الورقة بالشظايا العالقة بي، مرت سنتان على معاناتي بمرض الاكتئاب ،كانت سنتان سوداويتان ،عانقت فيها الظلام و استحوذت الرمادية على كل دروب حياتي ،اتخذت من غرفتي زنزانة لي ولصراعاتي الداخلية ،فقدت الرغبة في الحياة و في محاولات الاحتكاك مع الاخرين ،كنت اجر جسدي جرا نحو مائدة الطعام لأشاركهم وجبة لا طعم لها، منعا اياهم من الاقتراب لزنزانتي و التشويش على بصيلات عقلي بأسئلة لا أملك لها جواب ، كل شرايين الأمل بداخلي تمزقت، و لم يبقى سوى عروق التعاسة تغذي روحي ، كل ما كنت اريده الخلاص من فوضى هذا العالم و من المعارك القائمة بين شياطيني ، كنت اريد ان انجو من كل هذا ،لم يعد هناك شيء مميز بالحياة كل الأشياء اتخذت نفس لون الرماد و كل الوجوه اصبحت متشابهة لي ،بدأت البحث في رفوف ذاكرتي عن العلة التي قادتني إلى هنا ، طفلة امضت طفولتها في احضان كوخ يعج بالحنان و امان الوالدين فاتخذت على عاتقها بحر من سراب مسؤوليات و لم يكن من حقها الاعتراض ،مرت سنوات الطفولة بين الأمل و السعادة المفرطة ،كبرت الطفلة و تطفل على حياتها شخص كان لها بمثابة هدية كاذبة كاعتذار عن قساوة الحياة معها ،لم تكتمل الحكاية هنا ف البؤس كان مصرا على ان يرتبط بقدر الصغيرة ، رأت نفسها الطاهرة البريئة روحا تغادر من امامها حيث اللاعودة ، و لم يكن بوسعها فعل شيء سوى التأقلم مع آلم فقدان عفويتها وبرائتها ، و اكمال طريقها نحو اللاشيء كل هذه الاختلاجات التي عانيتها دفعت بي نحو هذا السواد ،مللت حالة العجز التي كنت اتخبط فيها لذا قررت ان احارب هذا المرض ، تطلب الامر سنة كاملة من المعالجات النفسية و ما يزيد عن خمس علب من ادوية المضادة للإكتئاب ،سنة في مواجهة كل الاشياء التي ارهقت روحي ،خرجت من هذه المعركة منتصرة ،لكن انتصاري هذا أحافظ عليه بشروط ، فعندما أرخيت يدي فيها، لم أتوقع أن يكون شعور الرضا بداخلي بهذا الحجم، قررت بعدها أن لا أشد قبضتي على شيء ، فالأشياء المكتوبة لنا لن تذهب لغيرنا حتى ولو أفلتناها 
اقول في النهاية حاربوا كل الاشياء التي تجعل منكم ضحايا الاكتئاب

بقلمي مريم الوزاني

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏نبات‏ و‏زهرة‏‏‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.