اكتئاب روح
اخترت ان ألطخ بياض الورقة بالشظايا العالقة بي، مرت سنتان على معاناتي
بمرض الاكتئاب ،كانت سنتان سوداويتان ،عانقت فيها الظلام و استحوذت
الرمادية على كل دروب حياتي ،اتخذت من غرفتي زنزانة لي ولصراعاتي الداخلية
،فقدت الرغبة في الحياة و في محاولات الاحتكاك مع الاخرين ،كنت اجر جسدي
جرا نحو مائدة الطعام لأشاركهم وجبة لا طعم لها، منعا اياهم من الاقتراب
لزنزانتي و التشويش على بصيلات عقلي بأسئلة لا أملك لها جواب ، كل شرايين
الأمل بداخلي تمزقت، و لم يبقى سوى عروق التعاسة تغذي
روحي ، كل ما كنت اريده الخلاص من فوضى هذا العالم و من المعارك القائمة
بين شياطيني ، كنت اريد ان انجو من كل هذا ،لم يعد هناك شيء مميز بالحياة
كل الأشياء اتخذت نفس لون الرماد و كل الوجوه اصبحت متشابهة لي ،بدأت البحث
في رفوف ذاكرتي عن العلة التي قادتني إلى هنا ، طفلة امضت طفولتها في
احضان كوخ يعج بالحنان و امان الوالدين فاتخذت على عاتقها بحر من سراب
مسؤوليات و لم يكن من حقها الاعتراض ،مرت سنوات الطفولة بين الأمل و
السعادة المفرطة ،كبرت الطفلة و تطفل على حياتها شخص كان لها بمثابة هدية
كاذبة كاعتذار عن قساوة الحياة معها ،لم تكتمل الحكاية هنا ف البؤس كان
مصرا على ان يرتبط بقدر الصغيرة ، رأت نفسها الطاهرة البريئة روحا تغادر من
امامها حيث اللاعودة ، و لم يكن بوسعها فعل شيء سوى التأقلم مع آلم فقدان
عفويتها وبرائتها ، و اكمال طريقها نحو اللاشيء كل هذه الاختلاجات التي
عانيتها دفعت بي نحو هذا السواد ،مللت حالة العجز التي كنت اتخبط فيها لذا
قررت ان احارب هذا المرض ، تطلب الامر سنة كاملة من المعالجات النفسية و
ما يزيد عن خمس علب من ادوية المضادة للإكتئاب ،سنة في مواجهة كل الاشياء
التي ارهقت روحي ،خرجت من هذه المعركة منتصرة ،لكن انتصاري هذا أحافظ عليه
بشروط ، فعندما أرخيت يدي فيها، لم أتوقع أن يكون شعور الرضا بداخلي بهذا
الحجم، قررت بعدها أن لا أشد قبضتي على شيء ، فالأشياء المكتوبة لنا لن
تذهب لغيرنا حتى ولو أفلتناها
اقول في النهاية حاربوا كل الاشياء التي تجعل منكم ضحايا الاكتئاب
بقلمي مريم الوزاني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.