الأحد، 26 يوليو 2020

ملحمة في رماد العنقاء بقلم أ.غسان حمدي


ملحمة في رماد العنقاء :
تلك هي إيرادة الله ...
أن يبقى القمر منبرا للسماء 
وأن يروي القدر بفاه الشعراء 
تلك هي إيرادة الله...
أنغام السمر تعزف على عتبات المساء 
وأقلام الشجر تكتب في حكايات الماء 
خارت قوى الهواء في هجير الدم 
وناحت نزوة العليل في بصير يعشق الوهم 
والحب خالد ..لا يقتله سيف ولا يرميه سهم 
طيشا في مذكرات ...الصبا 
وموتا في مفردات اللغة 
أكلوا أجساد الجميلات ...
وشربوا أرواح الحسناوات 
وذهبوا مع البحر ...
ليفتش الموج فيهم 
عن أحلام وعن أوقات 
أكلوا أجساد الكلمات ...
وشربوا من فؤاد الذكريات 
وتركوا المجزرة على البر ...
تجري الأرض ورائهم ..
وتبحث فيهم عن رفات وعن لغات 
من هم؟ 
هم قراصنة الأوقات 
هم هادم اللذات ...
الموت ..وهم الممات 
عودوا للأمام ...
فروا من هذا الكلام 
ودعوا لي الحسام 
لأعارك هذا السلام 
استحالة أن يمضي الأمل 
محال أن يبقى في الأشواك عسل 
ماء الحياء جف... والزهر اكتمل ...
وما عاد يحتمل 
عصيبة يا جراحي ...
حزينة يا أوتاري 
طريدة يا أقدامي 
كيف أخطوا والأرض ...مملكتي 
من سراب وهواء 
كيف اغفوا والسماء ...
مئذنتي يعلوها السحاب والبقاء 
كيف أصل لقمة الوقت ..
والموت يطاردني في كل وقت 
كيف أذهب ولا بيت 
ولا تراب ...ولا عذاب 
كنا أحياء بالألم ...
وأصبحنا أقوياء بالقلم 
كنا أتقياء بالقمم ...
وأصبحنا شهداء تحت العلم 
نرمي أنفسنا أمام أنفسنا ...
بالحرب مع أنفسنا 
نرمي قوانا في مشتهانا ...
وفيما أرادت رؤانا 
نواجه اليقين في درع مجهول 
وندافع عن السنين في زرع مقتول 
قاتل تكرمه عروش الفساد 
وشاعر تهشمه جيوش... قبل الميلاد 
أخبروا الفينيقي ...
أن الحياة ما عادت تقوى على نزاله 
وهبت لك الحياة ...
ووهبت لك... رغم كيد النار وأعدائه 
إن أجبنا ....أبصرنا سؤاله 
وإن قتلنا ....عادت ندباته 
لا تعتب على الصحراء في نجواها للصدى 
ولا تعتب على الدماء في موتاها ...
إذا حاربت من أجل الأنا 
فك قيدك من هذا الطين ..
وحلق في فضاء الخالدين 
كل زهرة ستصبح قصة ...
وكل قصة تحمل في طياتها ندبة 
كم جسد هشمت البلد ...
ومازالت تفيض في روحها الزهور 
كم من بلد ..هشمت البلد ...
ومازالت تفيض في عبيرها السطور 
ادنوا من حلمي ولا تحاربني ...
اعلوا في موتي ولا تعاتبني 
لن اتلصص على هذة الحقيبة 
ذكرى ووهم يكفيني وكفن قصيدة 
لن أصدق هذه القتيلة ...
فكرة وإسم ينسياني مكر الحقيقة 
وينسياني كيف أبقى ...
في خلوات المدينة 
ليلها الهادىء.... وقمرها البريء 
حلمها وغسقها ومساءها المضيء 
مدافنها ومناورها ...
وانتصارها البطيء 
قهوتها وقلعتها وأسوارها العالية 
ذكرياتها وملاحمها الخالدة 
أوقاتها وأزمانها السائرة 
مازالت تلازمني وتهزمني ...
وتقرأني وتوقرأني 
شعرها ونثرها ...
في أوديسة الملاحم 
مازالت تقاومني وتحملني ...
وتقرأني وترفعني ...
من مفردات المعاجم 
ستخرج من لباسها المطرز ...
بمصابيح الليل 
وابتسامتها اليافعة 
في سرايا الظل ...
وتسير وحدها مع الوقت 
وتسير في نفسها ذكرى وصمت 
وتصبح ناي ...إذا عجز الصوت 
وسنعزف على أوتار المكان 
أجمل نغم في قعر بركان 
إن من الشعر لحكمة ...
في رواية الزمان 
سرنا اثنان في اثنان 
ورجعنا واحد في وطنان 
ولقلبي وقلبك البيان 
شعرا ونثرا ...
ونغم في جوف ظمآن 
شرب من كل أبار الوهم ...
ومع ذلك بقي عطشان 
بقلمي ...
أ.غسان حمدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.