الأربعاء، 22 أبريل 2020

من لا يقرأ التاريخ يرتبك في يومه ويتوه في غده بقلم غسان دلل


خاطرة اليوم..
في السياسة والتاريخ..
من لا يقرأ التاريخ يرتبك في يومه ويتوه في غده..
فلندرك أحداث اليوم ونقرا ما بين السطور ولتوقع ما قد في المستقبل يكون، تكون قراءة التاريخ بموضوعية مجردة من العقائد الدينية والأيديولوجيات و الأشخاص والضحايا والأبطال هي المؤشر وهي الدليل..مستنيرين بالقاعدة التي تقول..
"في السياسة تختلف القاعدة عن علم المنطق والعلوم والرياضيات.."
فالقاعدة في المنطق والعلوم والرياضيات تقول......" أن المقدمات تقود إلى النتائج." بينما في السياسة العكس هو الصحيح.. فالنتائج (الفائدة والضرر)هي التي تقود المقدمات والأسباب.
وللتوضيح كمثال، أشير إلى احتلال القوات الأمريكية والبريطانية للعراق، فالمقدمات أو الاسباب كانت في أن 'صدام يحوز بشكل أكيد على أسلحة دمار شاملة تهدد العالم والغرب' وبأنه شريك للقاعدة في عملية تدمير الأبراج وبالتالي لا بد من اقتلاعه قبل استفحال الأمر..وهذا ما كان ليكتشف العالم بعد تدمير العراق واحتلاله الى كذب وعدم صحة تلك الأسباب أو المقدمات وبأن أسباب الحرب.. البترول.. أمن إسرائيل..وزرع الفتنة بين الشيعة والسنة،تلك الفتنة التي لا تزال تغرق المنطقة ببحر من الدماء.. فالنتائج هنا هي التي كشفت كذب المقدمات وبأن الأسباب الحقيقية كانت أسبابا مالية واقتصادية وسياسية بعيدة المدى تعاني منها المنطقة والعالم العربي من أشد المحن والأضرار.. أي أنها لم تكن اسباب لحماية الإنسان والأمن .
مقدمة طويلة تقود إلى قاعدة ثانية وهي أن التاريخ يعيد نفسه واعتقد ان الأصح هو أن..."الإنسان يعيد نفسه وإن تغيرت ملامح وجه"..فهو الذي يكرر التاريخ والأحداث.. فالتاريخ ..وإن كان يبدو حركة ..هو في واقع الأمر جماد، ذلك أن كل ما يتحرك برتابة وثبات حول محوره أو حول نفسه أو في مكانه ثابت وجماد، ومن هنا نتجه الى قراءة قصيرة جداً في التاريخ الحديث.
في أواخر القرن الثامن كانت الصين تتمتع بموقع إقتصادي ومالي وسياسي تحسد عليه وبالتالي كانت القوة الوحيدة التي تنافس بريطانيا العظمى على النفوذ الاقليمي وأكثر وقامت في هذا الخصوص بشراء كميات هائلة من الفضة( وقد تكون من الذهب أيضاً) لتدعيم عملتها واقتصادها ونفوذها مما لم يرق للملكة اليزابيث ذلك أن الميزان التجاري بات لصالح الصين كما هو الحال اليوم..فقامت بشن حملة شرسة عن طريق إحدى شركاتها في الهند لتسويق وتهريب الأفيون للصين بغية تدمير المجتمع من الداخل واستمر الأمر لغاية اندلاع حرب الأفيون الأولى سنة..١٨٣٩_١٨٤٢بقيام الأسطول البريطاني بتدمير جزء مهم جداً من الأسطول الصيني وبقصف مدن و موانئ هامة واستراتيجية للصين ومنها مدينة كانتون مما أدى إلى إبرام الإتفاقية الأولى من عدة اتفاقيات غير متوازنة تنازلت الصين بموجبها عن حقها السيادي على بعض الموانئ والمدن، واهمها تنازلها عن هونج كونج لبريطانيا وذلك بموجب معاهدة ١٨٤٢ وبالتالي أخذت تجارة الأفيون بالازدياد في غزو الداخل الصيني.. وكذلك زيادة جميع الصادرات البريطانية والغربية اليها ، إلا أن الأمر لم يتوقف عند ذلك الحد حيث قام التحالف البريطاني الفرنسي بشن حرب الأفيون الثانية على الصين والتي امتدت من...١٨٥٦_١٨٦٠ والتي انتهت بالاجهاز على ما تبقى من وجود ونفوذ للصين وفتح جميع أسواقها للأفيون والبضائع الأخرى..مما أدى إلى اندلاع عدة ثورات ضد الوجود الأجنبي وضد حكامها أيضاً والتي انتهت بفوز الحزب الشيوعي بقيادة ماوتسي تونغ على التيارات الثورية الأخرى.
إن متابعة التطورات منذ اربعينات القرن الماضي لليوم تطول لذلك ساقفز الى الوضع اليوم..
تتمتع الصين اليوم بالمركز الإقتصادي والمالي الثاني بعد أمريكا..
الميزان التجاري يميل ومنذ سنوات طويلة لصالح الصين عن الغرب. 
الصين أكبر مستورد للذهب منذ عدة سنوات..
الصين تبني جيش وقوات مسلحة حديثة وباسلحة متطورة.
الصين تقوم بالتمدد الاقتصاي في العالم وتتغلل داخل القارة الأفريقية.
الصين تقوم.. وهذا الأهم بالمنافسة التكنولوجية والعلوم مع أمريكا والغرب..
الصين مرشحة للوصول للمركز الأول بعد إزاحة امريكا إذا استمرت نسبة النمو الاقتصادي فيها عالية وأعلى من أمريكا ودول الغرب وذلك حسب شبه إجماع من علماء الاقتصاد والمال.
هذا وبمقارنة بسيطة بين علاقات ووضع الصين وبريطانيا بالأمس نرى انه يشابه إن لم يكن شبه متماثل لعلاقات ووضع الصين وامريكا اليوم..
فهل يعيد الإنسان نفسه وإن تغيرت ملامح وجه..فهل وجه ترامب هو وجه الملكة اليزابيث..ووجه إكس جيانغ هو وجه الامبراطور كوانج ..اي هل يعيد التاريخ نفسه ونعيش المستقبل القريب في حالة نزاع وحروب..ام أن العقل والخوف من الدمار الشامل المتبادل للأطراف سيسود وتنجوا البشرية من الدمار الحروب..!!؟
أترك الجواب إليكم ولكن لا بد وان اضيف .. إن قرأة تاريخ الرجل الأبيض وكذلك تاريخ الرجل الاصفر ضرورية في التحليل..
غسان دلل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.