الاثنين، 30 مارس 2020

" من مذكرات أستاذ جامعي " " رفاهية وقت الفراغ " بقلم ا.د/ محمد موسى

" من مذكرات أستاذ جامعي "
" رفاهية وقت الفراغ "
أعترف أني في مرحلة من مراحل حياتي كنت لا أملك هذه الرفاهية ، مما جعلني أنظر إلى أقراني بالكثير من الدهشة ، عندما أسمع أنهم يتقابلون على المقهى مثلاً ، وهو الشيء الذي لم أفعله في حياتي أبداً ولو مرة واحدة ، فكلما كنت أجد عندي وقت فراغ كنت أذهب إما إلى الأوبرا أو الموسيقى العربية أو نادي السينما مثلاً ، وعندما كنت أسمع من يقول نتمشى شوية كنت في قرارة نفسي أحسدهم ، والحقيقة أنني ظلمت من عاش معي لعدم إعطائهم من وقتي ما يستحقون ، والغريب أنني الأن أسترجع ما سبق من أيام وأقول كان الله في عونهم ، والأجمل من هذا أنهم لم يشعروني بالتقصير ، برغم إعترافي به الأن ، أيضاً من الجمال أن يحبك من حولك ولكن الأجمل أنهم لا يُشعرونك بتقصيرك ، ومنتهى الجمال أن يشعرك من حولك أن كل تقدم تحققه في حياتِك هو تقدم لهم ، ويصبح المناخ المحيط بك مناخاً مشجعاً على الإجتهاد وليس مناخاً طارداً ، وأعترف أني قد سافرت كثيراً ولكن مع كل هذه الأسفار لم يهدأ ويطمئن قلبي إلا في بلدي وبين أهلي ، وأعترف الأن وكأن بلدي قد طعمتني قبل سفري بمصل عدم التقبل للحياة بعيداً عن قبر أبي وأمي ، وأعترف بالفضل بل بكل الفضل للسيدة زوجتي التي تحملت كل العبأ عني ، وقامت في غيابي بالتربية وبالتوجيه لأبنائي وكأنها كانت نسخة من أمي ، وعندما كنت أغيب وأعود أجد الخير كل الخير في تربية أبنائي وبيتي وكأني ما غبت يوماً ، فكل ما كنت أريد تنشأة أبنائي عليه كانت هي تفعله ، فبمعاشرتها لي وكأنها قد سمعت من صدري ومع دقات قلبي ما تمنيته لأهل بيتي ، والأن وأنا أكتب إعترفاتي وأنا أتمتع برفاهية وقت الفراغ ، أسأل نفسي هل كنت على حق عندما حرمت نفسي من العيش الرغد بجانب أهل بيتي ، أم كنت محق عندما كنت أستغل كل وقتي لبناء مستقبلي ونفسي ، وسوف لا أمل السؤال ما طال في الحياة عمري ، وعزائي كان في إنتاج عقلي وأبحاثي وكتبي وفي أبناء عمري ، وواقع يشهد لي أني ما أضعت من العمر وقتي.
ا.د/ محمد موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.