الثلاثاء، 28 يناير 2020

" وأه من الغربه " بقلم ا.د/ محمد موسى

" من مذكرات أستاذ جامعي"
" وأه من الغربه "
عندما تذكر كلمة الغربه ، لا يقدرها إلا من عاشها وتجرع مرارتها ، ورغم أنني كنتُ مصمماً ، أن يكون ثمن حرماني من مصر تحقيق الأمل الذي من أجله قد تغربت ، وكان الثمن فعلاً كبيراً ، فعندما كنتُ في إنجلترا أدرس الماجستير حدث لي ما جعلني أسجله في مذكراتي التي ما تركت الكتابة فيها منذ أن تعلمت الكتابة ، فعندما كان شهر رمضان المعظم وبعد الإفطار ، كنت دائماً أجعل بجانبي راديو موجه على الإذاعة المصرية ، وسبق أن كتبت أنا كثيراً عن متعتي مع الراديو وليس مع التليفزيون ، وأنا في مصر الراديو دائماً بجانبي في غرفة مكتبي وفي غرفة نومي ، وفي عملي كذلك فالراديو دائماً بجانبي ، فأنا أجد كل المتعة مع إذاعة القرآن الكريم ومع البرنامج الثاني مثلاً ومع الموسيقى الكلاسيكية والموسيقى الخفيفة ، هذه هي كل هوايتي مع وسائل الإعلام ، وكان الراديو هو ونيسي في غربتي ، وحدث في إنجلترا أن كان الراديو بجانبي دائماً ، ففي رمضان وبعد كل إفطار كنت أجلس لأسمع إلى تمثيلية تذاع وكان إسمها "شارع عماد الدين" ، وكنت كلما سمعت التتر للتمثيلية كنتُ أجدني أبكي من الغربة التى بعدتني عن بلادي ، وشارع عماد الدين كما قرأت عنه كان و "شارع محمد علي" بينهما مشترك ، حيث كان شارع عماد الدين هو شارع الملاهي الليلية والمسارح المشهورة في القاهرة ، وشارع محمد علي كان هو الشارع الأشهر في القاهرة لعوالم الأفراح والليالي الملاح ، إلا أني أقصد غير ذلك في المشترك بينهما ، فكلا الشارعين تغطي أرضياتهما بواسطة بلاط من البازلت ، غير ما هما عليه الأن حيث يغطي الشارعين بغطاء من الأسفلت ، ولكن لماذا ذكرت الأن البلاط البازلتي ، قد يتعجب البعض ولكن هذا ما حدث ، كان تتر التمثيلية عبارة عن موسيقى والخلفية لحنطور يسير وحوافر الحصان المغطاه بحدوة من الحديد ، تضرب في البلاط البازلتي فتحدث صوتاً كنت أتأثر به ، فيتحرك في قلبي شوقاً لمصر ، ثم يقوم المذيع بالقول شارع عماد الدين فيزداد بكائي ، روعة وجمال وشوق وغربه ، عندما تجتمع كل هذه المعاني يتبعها شعوراً لا يوصف ، 😕 والغريب أن مشاعر الغربة عندي حتى عندما كنت في أمريكا أدرس الدكتوراه لم تتغير ، وصدق علم النفس عندما ذكر أن البعض يصاب بالحنين لبيته ، إذا ما بعد عنه ، وهذا هو أحد الأسباب التىي متعتني من البقاء في أمريكا بعد الدكتوراه حتى بعد أن طلب مني ذلك.
ا.د/ محمد موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.