الأحد، 22 ديسمبر 2019

من كتاب العب عالميا بقلم سياده العزومي

من كتاب العب عالميا
(من واقع الحياة إذا لم تكن إنسانا انصحك لا تقرأ لى سياده سقراطة )
مأساة أم
الحلقة الثانية

زرعتُ يومًا في حديقة المدينة الصاخبة بين حشائشها بعض عيدان الفجل والجرجير؛ لعلي أجد ما أضعه في لقيماتي، جادت أرض الله الطيبة بالخير..
وذات يومٍ، حدث ظرفٌ طارئ لصاحب المشتل على يمين مدخل المدينة، قصدني أن أبقى فيه حتى ينتهي من أمره، وعندما قضى الأمر طلبتُ منه أن يعطيني من أجري وعرقي شجرة تفاحٍ، ويكرمني فيها، أخذتُها وزرعتها في الحديقة بجوار الحي، ظللتُ أعتني بها، أدفع عنها عبث الأطفال والمتنزهين، أراقبها، وكلما كانت تكبر كان يكبر معها حلمي، رأيت في خيال نفسي شوارع المدينة قد امتلأت بالأشجار المثمرة: البرتقال، التفاح، الليمون، المشمش، اليوسفي.. أثمرت الأشجار بكل نافعٍ وطيبٍ، حُفت الحدائق بالنخيل وتساقط منه الرطب، ومن بين المظلات الزهور فاح عطرها، وتعطرت المدينة به، حتى جاءت الطامة الكبرى، استيقظتُ من حلمي على عامل الحديقة يقتلع شجرة التفاح من جذورها، وأشعل فيها النار، وكأنما اقتلع روحي من جسدي، وأشعل النار فيَّ، تشاجرتُ معه شجارًا عنيفًا.. وشى بي عند رئيس الحي، فأمر بحرث حدائق المدينة كلها ومعها عيدان الفجل والجرجير، حرق حلمي وقطع شجرتي وحرث الحشائش، فلم أجد ما أضعه في لقيماتي غير دموع الحسرة والندامة، لم تعد الحياة عندي غير أن أشرب من كأس الندم كل ليلة، حتى يسكر قلبي من همه وحزنه، يغفل ندمًا أنني خلعتُ جلباب مسقط رأسي، وهاجرتُ إلى المدينة عاريةً لا سند ولا ظل لي مع أبنائي، الذين ما عادوا أبنائي!!، سرقت المدينة برّهم، أو ربما ألقوه في ذاكرة النسيان مثلما ألقوا الكثير من العادات والتقاليد بالجري وراء حداثة المدينة المزيفة.. هواء الريف كان يؤنس وحشتي، وطيب الأرض كان زادي ودوائي، الليل سكني والنهار ومعاشي، تبدل الحال من حالٍ إلى حالٍ، وما أصعب أن يتبدل بك الحال وأنت على مشارف الرحيل من هذه الحياة، تعجز أن تلملم أطراف أحداث يومك!!، نهارك تخطو عليه وكأنما تخطو على لهيب معدنٍ منصهر، وليلك تؤنس وحشته بالوقوف علي أعتاب ذكريات الماضي، تهب عليك أرواح فارقت أجسادها الحياة، وما زالت تعانقك نسيم مودتها، تسرق نفسك في الخيال إليها، حتى يغلق مر الواقع مداركك، أو عن عمد تغلقها بنفسك، ما أصعب الحياة وقد استخرجتْ لك شهادة وفاة وأنت على قيد الحياة، تتلمس خطا أيامك في صمت يدوي في الأعماق، ليتني لم أخلع جلباب مسقط رأسي وأترك الريف، ولِدت ونشأت بين الأرض والماء والهواء، فكيف لي أن أحيا ب.....ـ، .. وتستمرالحياة


دمتم بخير أحبتي
مازلت أكتب لكم
وسأظل بإذن الله تعالى أكتب لكم
ولنضع بصمتنا معاً على وجه هذه الحياة
سياده العزومي
سقراطة الشرق 
عضو اتحاد الكتاب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.