قصيدة تماثيل المحطة
__________________
لا ننأى عن بائع التذاكر في المحطة
لنرحل بعيداً
عن دنيا لم تحملنا
هناك في ساحة المحطة
كانت التذاكر تقطع لأزمنة وأماكن وأوطان
ترحل عنا بعيداً
وخفير التذاكر يتجاهل أيدينا الممدودة إليه
عرف الرحيل رحمة لحالنا
وكبر علينا الموت
وصرنا يا أمي نصغر
نصغر
نصغر
في المحطة طفلة
ترغب الرحيل مثلنا وبائع التذاكر يستكثر
نظرة من عينيه عليها
حالها مثل حالنا
لا زمن
ولا عربة رحيل تحملنا
وبيد الطفلة شال أمها
كفن احتياطي لزمن الرحيل إذا نالت تذكرة الرحيل
فأين يا أمي كفننا الجماعي
وأين شال رأسك عطراً على جباهنا
إذا شيعتنا الشمس
أو المطر
وصرنا يا أمي
أمام شال الطفلة
نصغر
نصغر
نصغر
يصل المحطة
قطار يجر عربات الرحيل
وكل من حصل على تذكرة رحيل
يمزقها أمام الشمس بلا خجل منا
ولا من حزن الطفلة
ولا من ايدينا الممدودة لخفير التذاكر
ولا من شال أم الطفلة
كأن يقول للشمس عار عليها أن تشيعنا
أو للمطر عار عليه أن يغسلنا
ونصرخ يا أمي لماذا
نصرخ بوجوههم لماذا
ولا ينظرون إلينا
ويضحك علينا خفير التذاكر
وصرنا يا أمي
نصغر
نصغر
بقية ما بقي لنا
من العمر
نصغر
نصغر
الآن يا أمي
وحدنا في المحطة
كل الناس فيها
والعربات
والراحلين والقادمين
وخفير التذاكر
صاروا تماثيل
لا الشتاء ولا الصيف عاد إلينا
لا تريد الشمس أن تشيعنا
ولا يريد المطر غسلنا الغسل الأخير
وأنظر إلى رأسك فإذا عليه شال وأسألك
أين كان يا أمي شالكِ زمن الرحيل
وتبكي أمي
ماتت الطفلة شهيدة على الشمس
كانت تشيع وطن
واهدتني الشال ذكرى الرحيل
في زمن
لم يكن لنا تذكرة رحيل من الخفير
وعدنا يا صغيري
نصغر
ما بقي لنا
من أيام العمر
نصغر
نصغر
نصغر
الديوان لقاء مع الشاعرة فدوى طوقان
الشاعر قدري المصلح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.