العدل المحقق للتوحيد
إن العدل الذي يحقق توحيد الله و توحيد الشعوب و الأفراد في نفس الوقت هو العدل الذي تتساوى فيه أجور جميع الأجراء و يكون فيه مصدر دفع الأجور للجميع واحدا و تعود فيه تلك الأجور بعد إنفاقها إلى نفس المصدر الذي خرجت منه و تكون الأموال بهذا النظام كأنها تأتي من عند الله و تعود إليه .
إن هذا النظام يقتضي أن تحل الدول محل الأفراد أو الأسر بحيث تصبح كل دولة هي التي تعمل و هي التي تنتج و هي التي تنفق و هي التي تقوم بجميع الوظائف و الأعمال و لكن بواسطة العملة الموحدةعلى مستوى العالم كله .
إن هذا النظام لا تتعدد فيه مصادر الارتزاق أي لا يتعدد فيه من يشغلون المواطنين أو من يقدمون الخدمات للمواطنين مقابل أجور محددة أو متفق عليها مسبقا .
إن هذا النظام لا يستطيع فيه أحد أن يكسب أكثر من أجرة واحدة و لا يستطيع أن يكسب أموالا من المتاجرة بالممنوعات لأن كل الأموال التي يتم البيع بها تعود إلى خزائن الدول و لا تذهب لجيوب البائعين .
إن كون الدول هي التي تشغل و هي التي تنتج و هي التي تبيع و هي التي تقوم بجميع الوظائف و الأعمال فإن جميع المواطنين يصبحون خداما للدولة و تصبح جميع المنتجات كذلك عبارة عن ملك للدولة أي تصبح ملكا عاما و ليست بأملاك خاصة و بالتالي فإنه لا يجوز للعمال المنتجين و التجار الأكل من المنتجات العامة إلا بالمفابل حتى يكون ما يحصلون عليه من المنتجات حلالا . إنه بهذا النظام تصبح جميع الممتلكات بما في ذلك أراضي الدول عبارة عن ملك عام و ملك لله وحده فقط و لكن باسم الأفراد و الدول التي تخدمها أو تستخدمها و يصبح العباد جميعا عبارة عن عمال في خدمة المصالح العامة و عبارة عن عمال في سبيل الله في نفس الوقت .
إن ثراء الناس في هذا النظام الموحد الأجور يتحقق بما يقتصده الناس و يوفرونه من أجورهم فقط و لا يتحقق عن طريق الأرباح و الربا و بخس منتجات بعضهم بعضا -أي لا يتحقق على حساب الآخرين- .
إن هذا النظام يستوجب المتابعة والمراقبة للعمال بصفة عامة و للمنتجين بصفة خاصة لأن الدول هي التي تتحمل نفقات الإنتاج و هي التي توظف التجار ، و نظرا لكون هذه الخدمات لمصلحة الجميع يجب أن يحاسب المقصرون في وجوب أدائها بإخلاص لرب العالمين . إن التعامل في هذا النظام عبارة عن ارتزاق جميع العباد من عند الله عن طريق الأجور كما كانوا يرتزقون جميعا من عند الله في عهد المقايضة عن طريق الإنتاج و مبادلة الخدمات بالمنتجات التي منها الفضة و الذهب . إنه بهذا النظام الذي يرتزق الناس فيه عن طريق الأجور فقط نقضي على النظام المزدوج الذي يرتزق فيه البعض عن طريق الإنتاج و يرتزق فيه البعض الآخر عن طريق الأجور .
إن العدل المحقق للتوحيد هو العدل الذي يرتزق فيه الناس جميعا عن طريق الأجور الموحدة على مستوى العالم كله أو العدل الذي يرتزق الناس فيه جميعا عن طريق الإنتاج و تقاسم المنتجات بالعدل بين العباد . صحيح أن الله يرزق من يشاء بغير حساب و لكن نظام المقايضة و تقسيم الأرزاق على العباد بالعدل لا يتحقق فيه الثراء إلا للمقتصدين و الموفرين لبعض ما يرزقهم به الله لوقت الحاجة مع العلم أن التوفير و الاقتصاد لا يجب أن يتحول إلى تقتير .
باتنة في 17/04/2019
السعيد أحمد عشي
ملاحظة هامة : إن التعامل مقابل الأجور الموحدة تقتضي التعامل بالعملة الإلكترونية فقط حتى لا يتسبب ما يوفره الناس من أجورهم في تآكل أموال خزائن الدول و حدوث الأزمات النقدية و صك الأموال بطرق غير قانونية و لا شرعية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.