الجمعة، 12 أبريل 2019

ثقافة " العيب "ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي -العراق- 31-3-2019

 

                              ثقافة " العيب "



العيب في اللغة بمعنى: الوصمة، أو الخلل (مثلاً في جهاز، أو في جملة، أو في المنطق الفكري، إلخ)، وهذا يكافئ كلمة (بالإنجليزية: Defect). والعيب في الفقه الإسلامي غالبا ما يكون في فقه المعاملات، مثل: العيب في المبيع. العيب اجتماعياً هو التصرف غير الملائم، والمنظور له كتصرف سيء ضمن المجتمع، وهذا يكافئ عبارة Inappropriate behaviour باللغة الإنكليزية، والتي تعني "تصرف غير لائق". وقد يعاقب المجتمع مرتكب العيب بدرجات متفاوتة بحسب التصرف، وقد تتدرج العقوبة من نظرة ازدراء إلى القتل، بحسب المفاهيم الاجتماعية السائدة.
العيب الاجتماعي يخضع للقواعد الاجتماعية المحلية، بحيث قد يُعتبر تصرف ما عيباً في قرية أو في بلد ما، ولكنه تصرف مقبول في قرية أو بلد آخر. عادة يتم تنبيه أو توبيخ مرتكب التصرف المعيب بعبارة "عيب عليك".
يتشابه العيب مع الحرام في كونه تصرف غير مرخّص أو غير مقبول، ولكن مصدر تصنيف العيب هو اجتماعي يتغير بتغير الزمن أو المكان، بينما مصدر تصنيف الحرام هو التعاليم والنصوص الدينية.
العيب .. كلمة تشكل مصطلحا يتم تداوله في أماكن عدة وصلت حتى المنابر بهدف العودة الى هذه الكلمة وأهمية العمل بها وسعيها الدؤوب للرقي بالمجتمعات
قال سيد المرسلين عليه وآله أفضل الصلاة والتسليم: {وإذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا} لكن وللأسف في مهد الديانة والأخلاق والآداب بلاد العرب والمسلمين
وكان الجدل والتوضيح في كيفية استخدام الكلمة وطريقة تداولها، ومن مخول في استخدامها وهكذا... وقد ضاعت هذه الكلمة في عصرنا الحالي ونار استعمالها حتى ان البعض { نعاها } اعتبرها مصطلحا مات،، لم يعد له وجود...
حتى اختلطت الأوراق واخذ النشء بالفوضى بسبب الظروف ومواقع التواصل وما حل بالبلاد والعباد،،، واتجهت حتى الآداب الى موضوعات للاسف أبعد ماتكون عن الآداب وكلمة عيب التي كنا نسمعها عند الأهل وفي المدارس ومن الجدة في الصغر ونراها في كتب الآداب بالمجمل اختفت لتأتينا بطرق اخرى وأساليب تداعب الشهوات وتعزف على وتر المتعة....
لذلك العلاج مطلوب وان يكون بتكاتف جهود الجميع...
قال تعالى :{{فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوأتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة.... }} وهذا دليل على أن العيب مصطلح وجد منذ أقدم العصور
ونجد الموضوع دائما له حيزا في الحديث والتوثيق له عبر التاريخ ويمثل ا لأخلاق الجيدة والتربية الأصيلة..
«العَيْبُ» في مُجْتمعِنا الشَّرْقيِّ هوَ كُلُّ ما يُخالِفُ القِيَمَ الاجْتِماعِيةَ الَّتِي ارْتَضاها العَقْلُ الجَمْعِيُّ للمُجْتمَع. وفِي قِصَّتِهِ هذِهِ يُدِينُ يوسف إدريس المُجْتمَعَ باعْتِبارِهِ مَسْئولًا عمَّا وَصَلتْ إلَيْهِ حالُ المَرْأةِ المِصْرِية. تَرَبَّتْ «سَناءُ» في ظِلِّ أُسْرةٍ تَحْترِمُ قِيَمَ الشَّرَف، وتَخَرَّجتْ في الجامِعةِ حامِلةً لِواءَ الشَّرَفِ والعِفَّة، ثم قَادَتْها الأقْدارُ لِتَكُونَ معَ أَرْبعٍ مِنْ زَمِيلاتِها مِن أوائلِ النساءِ اللاتي يَعمَلنَ فِي المَصالِحِ الحُكُومِيَّة، وهُنالِكَ تُدْرِكُ «سَناءُ» وُجودَ عَالَمٍ آخَرَ يُوازِي عالَمَ القِيَم، عالَمٍ كلُّ شَيْءٍ فِيهِ يُباعُ مُقابِلَ المَال
ثقافة العيب
ــــــــ هي ظاهرة من الظواهر التي يرفض فيها مجتمعٌ ما قبولَ شيءٍ لا يتناسب مع العادات، والتقاليد السائدة، أو النظرة الفكرية المشتركة بين الأفراد عموماً، وترتبط ثقافة العيب عادةً بظهورِ شيءٍ جديدٍ وغير مألوف أو معروف مسبقاً وقد يكون معتمداً على ثقافة غيرية؛ بمعنى مأخوذ من المجتمعات الأخرى، لذلك يعتبر مرفوضاً، وغير مقبول؛ بسبب عدم توافقهِ مع الأفكار الثقافية، والاجتماعية، وحتى الأخلاقية داخل المجتمع الواحد.
إنّ ثقافة العيب من القضايا الاجتماعية الشائكة، والتي انتشرت في العديد من المجتمعات، والدول؛ لأنها اعتمدت بشكل رئيسي على تأثير الفكر الاجتماعي السائد، وهذا ما أدّى إلى جعل مفهوم ثقافة العيب مرتبطاً بشكل رئيسي بالفكر الاقتصادي المعتمد على العمل، وخصوصاً عند رفض فئة من الشباب فكرة العمل بأيّ عملٍ يكون أقلّ من مستواهم التعليمي، أو لا يتناسب مع البيئة التي يعيشون بها، فيُفضل معظمهم البقاء في المنزل على العمل بأي مهنة قد تؤدي إلى التقليل من شأنهم الاجتماعي أمام أصدقائهم، والناس المحيطين بهم، مما ينتج عن ذلك تعزيز وجود ثقافة العيب بشكل ملحوظ.
أسباب ظهور ثقافة العيب
ــــــــــــــــــ
توجد مجموعة من الأسباب تؤدي إلى ظهور ثقافة العيب، وهي:
النظرة السلبية للمهن، وللعاملين بها، والذي يُعتبر سبباً مهماً من أسباب انتشار ثقافة العيب بين الشباب، وخصوصاً عندما يعكس بعض العاملين في المهن صورةً سيئةً عن مهنتهم، ممّا يؤدّي إلى تعميمها على كافة العاملين في تلك المهنة.
تأثير التربية الأسرية، والتي ترتبط بالتحكّم في بعض القرارات، والأهداف التي يسعى الأبناء لتحقيقها، فمثلاً: عندما ترى الأسرة أن هذه المهنة غير مرغوبة لمجموعة من الأسباب الخاصة بها، عندها يتأثر الأبناء برأي العائلة بشكل مباشر.
تأثير البيئة المحيطة، والتي ترتبط بآراء الأشخاص المُحيطين بالفكرة المستحدثة، والتي تُعبّر عن المجتمع المحيط المكون من أقارب، وأصدقاء، وزملاء دراسة الفرد.
غياب المفاهيم الصحيحة حول طبيعة المهن. إنّ عدم وجود تعريفات مناسبة ودقيقة لكل مهنة من المهن يؤدّي إلى حدوث عدم فهم لها، ولدورها في المجتمع، وهذا ما يؤدي إلى تحفيز انتشار ثقافة العيب بشكل ملحوظ.
نتائج ثقافة العيب
ـــــــــــــــ
تنتج عن ثقافة العيب مجموعة من النتائج السلبية التي تؤثر على الأفراد، ومن ثم على المجتمع، ومنها:
حدوث فائض في وظائف مُعيّنة، مع وجود عجز في وظائف أخرى مما يؤثّر سلبياً على القطاع الاقتصادي.
قلة عدد الأيدي العاملة في المهن الحرفية، والإنتاجية ممّا يرغم المصانع والشركات على الاعتماد على العمالة الوافدة بدلاً من العمالة المحلية.
ارتفاع نسبة الزيادة في مُعدّل البطالة بين فئات الشباب القادرين على العمل.
أنواع ثقافة العيب
ــــــــــــــــ
تقسم ثقافة العيب إلى النوعين التاليين:
ثقافة العيب الفردية
هي كلّ قرار يتخذه الفرد وحده؛ بناءً على أفكار، وآراء شخصية خاصة بهِ، تجعله يرفض مجموعة من الوظائف التي يرى أنها لا تتناسب مع مهاراته، أو قدراته الفردية، كما أنه يعتقد أن الأفراد المحيطين بهِ سينظرون له نظرة سيئة، وسيفقد احترامهم، لذلك يتمنّع عن الوظيفة المتاحة، ويفضل عدم العمل.
ثقافة العيب الاجتماعية
هي مجموعة من الأفكار التي تشمل مجتمعاً كاملاً يرفض وظيفة معينة، فلا يقبل عمل بعض الأشخاص الذين يوجدون ضمنه، ويسبّب هذا النوع من ثقافة العيب العديد من التأثيرات السلبية على قطاعات العمل في البيئة الاقتصادية، ومن الأمثلة على ثقافة العيب الاجتماعية: عدم تقبل عمل المرأة في قيادة سيارة الأجرة، أو حافلة النقل العام.
كل المجتمعات، في دنيانا الفسيحة هذه، حريصة على استتباب أمنها الاجتماعي وتبذل الكثير لكي تحافظ عليه متماسكًا قويًا درءًا لكل ما من شأنه أن يضعف تناسجه ويسيء إلى وحدته ويعكر صفو علاقات أفراده. كما أن هذه المجتمعات عملت على الدوام على تسييج العادات والتقاليد وليدة بيئاتها بهالة من الاحترام تصل في بعض الأحيان إلى حدود التقديس. فمن أجل سلامة المجتمعات انبرت نخب اجتماعية تطوعًا تُرشد بالثواب أحيانًا وبالعقاب أحيانًا أخرى، وتدافع بالترغيب مرة وبالترهيب أيضا عن سلامة مجتمعاتها من مظاهر الفساد الأخلاقي، فلذلك درج كل مجتمع من هذه المجتمعات الإنسانية على وضع مجموعة من السلوكات التي ينتج عن الاتيان بها إضعاف للمجتمع وأدرجهتا تحت مسمى العيب. والعيب في حدوده الاجتماعية يعني الحرام الوضعي!
وقيل إن «العيب بمثابة يد المجتمع العادلة التي تصلح الأخطاء، لتحافظ على قيم المجتمع ومعاييره الثقافية». علمًا بأن العيب في مطلق معناه نسبي، يتغير بتغير الزمان أو المكان. فما هو عيب وغير مقبول في المجتمع العربي على سبيل المثال قد لا يكون كذلك في المجتمعات الغربية، أو المجتمعات الشرقية. الحديث عن العيب متشعب؛ لأنه حديث في صميم الظاهرة الأخلاقية بما هي ظاهرة ثقافية متغيرة بحكم تحيزها في الزمان وارتباطها العضوي بمكان ما قد يكون من العناصر الفاعلة في توجيه القيم ومن ثم في تحديد مفاهيم العيب ومجالاته وحدوده.
السلوكيات الاجتماعية الضارة غير المتحضرة من وجهة نظري يجب أن تتم السيطرة عليها من ناحيتين:
الأولى: قوة القانون اما الناحية الثانية وهي تسبق الأولى: هي قوة الوعي والحس المتحضر العالي الذي يجعلك تفكر بالآخر كلما شاركته المكان، هذا يتحول إلى قانون اجتماعي أو (عيب اجتماعي) يجرمه الفرد للفرد، فكلما كنت عدوانياً ومخرباً للممتلكات العامة كرمي النفايات في الحدائق العامة وعدم وضعها في الحاويات المخصصة لها، والكتابة على الجدران بعبارات غير لائقة، وعدم تنظيف الحمامات العامة بعد الانتهاء من استخدامها، واحترام الدور، والتخريب، وسلوكيات قيادة السيارة كأن تتجاوز الإشارة الحمراء، أو تتحدث بالهاتف أثناء القيادة، ومحاولة استغلال مواقف ذوي الاحتياجات الخاصة، وفتح أغانٍ بصوت عالٍ في الشارع، وغيرها مما ذكرها د. فايز تحت مظلة الذوقيات العامة، هي معيار للوعي المجتمعي قبل أن تكون عقوبة وغرامة مالية.
ونشر الوعي بالسلوكيات السوية تبدأ من الأسرة ثم المدرسة والجامعة والعمل‏، وعلى الآباء والأمهات أن يعلّموا الأبناء السلوكيات الحميدة‏ عن طريق القدوة؛ فالأب والأم هما نموذج للأبناء، وكلما كان الأب والأم ملتزمين بسلوكيات متحضرة، ولديهما خطوط حمراء في التعامل مع الآخر ومشاركته الأماكن وغيرها كلما كان الأبناء كذلك،‏ فهذه السلوكيات الخاطئة دليل على عدم المسؤولية تجاه المجتمع، وعلينا جميعاً ضبط تصرفاتنا اليومية في علاقاتنا مع الآخرين، ولابد أن يبدأ كل إنسان بنفسه‏، فالغرامة المادية ليست هي الحل دائماً ولا تترسب في الوجدان، ولا تؤدب، ولكن الوعي هو الحاجز الأول ضد أي شيء ضار لتكون مواطناً صالحاً ومُصلحاً.
وقد يتساءل البعض ما هو معيار أن تكون مواطناً صالحاً؟ وكيف تلزم نفسك ومن حولك بهذه المعايير؟ كيف نستطيع أن نجبر أنفسنا ونراقبها ولا نسمح لها بأن تتجاوز حدودها في الأماكن العامة؟ الأهم كيف تركنا المجتمع زمناً طويلاً دون وضع قيود أو عقوبات ودون ذكر هذه السلوكيات وتدريسها في المناهج
اقوال في العيب
ـــــــــــــــــــ
«اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء»
ما عيب طولا ولم يعب قصرا***عري من دقة ومن عظم***كان إذ ما تضايقت سبل ال*** لفظ كفاني مخارج الكلم***لا حصر للقول عند خطبته***وليس في قول بمتهم
الخوف من الموت غريزة حية لا معابة فيها.. وإنما العيب أن يتغلب هذا الخوف علينا ولا نتغلب عليه.
من طلب أخا بلا عيب صار بلا أخ.
الشك عيب الأحمق و السذاجة عيب العاقل
الحصان الجيد له عيوب كثيرة، والحصان السيئ له عيب واحد
فلست براء عيب ذي الود كله*** ولا بعض ما فيه إذا كنت راضيا***وعن الرضى عن كل عيب كليلة*** ولكن عين السخط تبدي المساويا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.