الاثنين، 18 فبراير 2019

المقصد من العبادة بقلم السعيد أحمد عشي


المقصد من العبادة 
إن الهدف من العبادة هو أن يكون الإنسان خادما في سبيل الله و ليس خادما في سبيل العباد ، و هذا يعني أن تكون أجرة عمل كل فرد حقا له وحده بحيث لا يكون لأي أحد من العباد حق في هذه الأجرة أو في جزء منها إلا ما تطوع به الإنسان أو ما فرضه الله عليه من الزكاة و الفدية .
إن استعباد العباد للعباد لا يعني شراؤهم و امتلاكهم فقط ، و لكنه يعني الحصول على أجور أعمالهم أو الحصول على جزء من تلك الأجور دون عمل و بذل جهد و دون تقديم لأي شيء مقابل ما يحصل عليه من أجرة العامل .
إن استئثار الإقطاعيين بما ينتجه العبيد عبارة عن استعباد كلي للعباد ، و إن عدم دفع أرباب العمل للأجور المستحقة للعمال يعتبر استعبادا جزئيا للعباد ، و إن تحصيل الحكام للضرائب التي تفوق الحد الذي يسمح به شرع الله يعتبر استعبادا للعباد ، و إن استخدام الحكام لقوات التدخل السريع بنفس أموال الضرائب التي تجبى من أموال الأفراد و الشعوب ليقمعوا من ساهموا في تسديد أجورهم يعتبر استعبادا للقامعين و المقموعين على حد سواء . و إن سماح الحكام للبرجوازيين للسيطرة على مساحات شاسعة من أرض الله و تحويلها إلى عمارات و استئجارها كأراض أو كمساكن أو كمحلاتك تجارية يعتبر أكلا لأموال الناس بالباطل و استعبادا للعباد خاصة و أن هذه الأموال التي امتلك بها البرجوازيون أراضي الله هي من خلق العباد و ليست من خلق الله .
إننا عندما نقدم أجورا شهرية متساوية لجميع العباد ذكورا و إناثا صغارا و كبارا و دون تمييز بين سكان العالم على أساس أن هذه الأموال قادمة من عند الله و ليست من خلق العباد و نسمح للعباد حينئذ بخدمة بعضهم بعضا بتلك الأموال حسب التوافق و التراضي فيما بينهم و ليس حسب الأجور المحددة مسبقا تكون أعمالنا و خدماتنا لبعضنا بعضا عبارة عن تعاون فيما بيننا و ليست عبارة عن استعباد العباد للعباد .
إن عبادة الله وحده لا شريك له لا تتحقق إلا بحصول العباد جميعا على الأموال التي يرتزقون بواسطتها من عند الله أولا و قبل الحصول عليها من عند العباد ، أما انتقال الأموال فيما بين العباد فيجب أن يكون في إطار التعاون على البر و التقوى و ليس في إطار الارتزاق من عند العباد الشيء الذي يؤدي إلى استعباد العباد للعباد .
إن دفعنا لأجور جميع العباد في شكل حسابات ، و إنفاقنا لتلك الأموال بطرق آلية ، سيحمينا من غش عملات الفضة و الذهب ، و سيغنينا عن خلق العباد للأموال ، و سوف يخلصنا من استعباد العباد للعباد ، و سوف يعيدنا إلى عبادة الله الخالق و الرازق الوحيد للعباد . إن التعامل الشرعي لا يتحقق إلا عن طريق المقايضة التي لا بخس فيها و لا غش و لا تطفيف و لا ربا ، أو عن طريق الأموال الآتية من عند الله و ليس من الأموال المخلوقة من طرف العباد ، لأن العباد كلهم مرتزقون و تعاملهم عبارة عن تبادل للأرزاق و ليس عبارة عن تحولهم إلى رازقين . و إنه بغير عودتنا إلى الارتزاق المالي من عند الله سنبقى عبيدا لأرباب البنوك بصفة عامة و عبيدا لأرباب البنك المركزي الأمريكي بصفة خاصة .
باتنة في 18/02/2019
السعيد أحمد عشي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.