بلا بسملة
{{بين التَّزَلُّف...والتَّخَلُّف}}
تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات / الأردن
لابد من معرفة ما معنى التَّزَلُّف:- هو التَّذَلُّلِ والتَّقَرُّبِ إِلَى الشَّيْءِ بِمَهَانَةٍ وَمَذَلَّةٍ وَاسْتِكَانَةٍ وَتَضَرُّعٍ وخُضوع وخُنوع...ومنه- فَالْقَوْمُ فِي مُنَاجَاةِ الْعَزِيزِ بِالِاسْتِكَانَةِ لَهُ....فهو نوع من النفاق الشخصي للغير.
أما التخلف فهو تَوْأَم التَزَلُّف فالأم واحدة والأب مختلف وأنا قصدت ذلك وأن كان ذلك ممتنع وذلك لشناعة فعل المتزلف المتخلف بتَمَلُّقه وتودّده وليَّن كلامَه وتذلّل منه ومُداهَنة كاذبة متلونة مع الغير....
هاتان الصفتان يتقنهما المنافق المداهن فهو ماهِرٌ يظهر خِلافَ ما يُضْمِر، فالمتزلف المتخلف يحب أن يظهر نفسه ويتقدم على أقرانه ويشار اليه بالبنان، فقد يمدح من لا يستحق إلا الذم، وقد يلقي خطابا أو يؤلف قصيدة شعرية وما إلى ذلك كثير ليعرف من خلال ذلك.
فهذا المتزلف المتخلف دائما يغرد خارج السرب وحتى يجلب الاهتمام اليه ويشد الانتباه يسير وراء الركب فيكون في مؤخرة القوم فيصبح في المقدمة في قدرة قادر، ليس لتقواه وصلاحه ولكن لتزلفه وسوء أفعاله وشماتة صفاته فهو يحسن التجديف كالْمَلاَّح في قيادة السَّفِينَةَ بين الأمواج العاتية، وهكذا يفعل به نفاقه فهو يختار الأحضان الدافئة لينال مراده......
فالمتزلف يحسن الضرب على الأوتار واحدا تلو الآخر بحيث يخرج نغما ولحنا نشازا حسب المقام والسلم الموسيقي ومن هنا يتنوع لديه المديح بين رفع نبرة الصوت وخفضها، ويستعمل النوتة الموسيقية بطريقته المعهودة يكون قد هذّبها ونمَّقها للمتزلف له،
ومن عنده أحساس ومعرفة بأحوال الناس فورا يعرف أن ما جاء به هذا المتزلف المتخلف قصد من ورائه التزلف والنفاق....
وأشد أنواع التزلف مضاضة وغضاضة ما كان من أهل الدين والعلماء المنافقين وقد ضرب لنا القرآن بأَرْدَأُ أثنان شيطان غاوٍ وكلب لاهِث..
قال الله تعالى:-
{{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا***
فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ***
وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ***
فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث...}}
هذه الصورة النمطية التي يقوم بها المتزلف ويلبسها لباس مزركش وملون ملفق ويطعمها بالرياء والنفاق والتدليس ويظهرها بغير مظهرها الحقيقي لكي يوافق هوى وطموحات المتزلف اليه، ومنه يتضح التزلف توافق التفكير النمطي ضمن قوالب وأفكار جاهزة يصغها المتزلف حسب الرغبات...
ومن هنا جاء الرد الإلهي يفضح ويكشف نواياهم ومقاصدهم في الدنيا قبل الآخرة، فقد سبقهم أسلافهم إلى هذا التفكير السلبي النمطي...
قال الله تعالى :-
{{ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ *** هذا هو الحد الفاصل بين المؤمن والمنافق
وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ *** وهذا مجال وميدان النفاق الأولياء.
إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ***وفي الآخرة إن الحكم إلا لله.
إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ }}هذه هي النتيجة والعدالة.
وهي اللوحة الأخيرة الحق بَيِّنٌ والباطل بَيِّنٌ ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.