الاثنين، 29 أكتوبر 2018

حكايَةُ زيتونةٍ بقلم د. أسامه مصاروه

حكايَةُ زيتونةٍ
نظرتْ إليّهِ حزينةً متألّمهْ
أمريضًةٌ هيَ أمْ أنّها متوهّمهْ
لكنّ حالتًها بدتْ مُتأزّمهْ
ولَعلّها بدتْ لهُ مسْتسْلِمهْ

لا ليسَ هذا طبعَها كمناضِلَهْ
كمْ واجَهت أعتى الغزاةِ مقاتلهْ
صمدَتْ وما زالتْ تقاومُ باسلهْ
لولا خيانَةُ حاكمينا السافلهْ

وقفتْ تُسائلُ نفسَها عن شعبِها
ماذا عساهُمْ فاعلونَ لأجلِها
أَتُراهمو راضونَ عن أحوالِها
عنْ صمتِ أمَّتِها وشدّةِ ذلِّها

"ما لي أراكِ حزينةً هذا الصباحْ
يا منْ صمدْتِ أمامَ أهوالِ الرياحْ
ما زلتِ سيّدةَ الفيافي والبطاحْ
مالي أراكِ كطائرٍ فقدَ الجناحْ"

"أنظرْ إلى زمني وقلْ لي من أنا،
أأنا أنا وعلى المدى وطني هنا؟
وإذا استَمرّوا بالتوسّعِ والخَنا
هل في الدُنى عيشٌ لمنْ قدْ أذعنا؟

قلْ لي بربِّكَ هل سيبقى عندَنا
شرَفٌ إذا خُنّا جميعًا عهدَنا
لمَ لا نواصِلُ أو نُجدّدُ مجدَنا
لمَ ننْدُبُ الماضي ونسلخُ جلْدَنا"

"مالي أرى أُمّي مُعذّبَةَ الفؤادْ
وهِيَ التي ملكتْ نجادًا أو وِهادْ"
"أيَسرُّ عينَكَ أن ترى حالَ البلادْ
كيفَ التمنّي والعروبةُ في رُقادْ؟"

"أُماهُ لا تتوقّعي خيرًا كثيرْ
من حاكمٍ، ملكٍ وحتى منْ أميرْ
فجميعُهمْ خَلعوا عباءاتِ الضميرْ
وتدثّروا بِرِداءِ عبْدٍ أو أسيرْ"

ومعَ انْسِدالِ ظَلامِ تلكَ الليلَةِ
خرجَ الغزاةُ بغدْرِهِم للتلَّةِ
مثلَ الأفاعي الزاحفاتِ كثُلّةِ
تبغي الشرورَ لغيرِها وبذلّةِ

وصلوا إليها بكلابِهم وفؤوسِهمْ
والحقدُ طاغٍ ذاهبٌ برؤوسهمْ
أمّا الجنونُ فذاهبٌ بنفوسِهمْ
والغلُّ ديْدَنُهمْ وملءُ كؤوسٍهم

أشجارُ زيتونٍ هَوَتْ وَتحطّمتْ
وبيوتُ عزٍّ مثلَهُنَّ تهدّمتْ
آبارُ ماءٍ وُسِّخَتْ وَسُمِّمَتْ
ومليكَةُ الأشجارِ أيْضًا أُعْدِمَـتْ

د. أسامه مصاروه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.