الأحد، 30 سبتمبر 2018

أليس الكون معجزة؟ ثمار_من_حدائق_المعرفة


أليس الكون معجزة؟
إنّ الأشياءَ المألوفةَ وغيرَ المألوفةِ، والأشياءَ المعتادةَ وغيرَ المعتادةِ، والأشياءَ التي نعرفها معقولةً، والأشياءَ التي يظنها بعضُ الناسِ غيرَ معقولةٍ، إنها في قدرةِ اللهِ سواءٌ، لأنّ أمرَ اللهِ تعالى: كنْ فيكون، ألا تقرأُ قولَهُ عز وجل:
{قُلْنَا يانار كُونِي بَرْداً وسلاما على إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69] .
( )
النارُ لا تحرقُ إلا بإرادةِ اللهِ، فإذا شاءَ اللهُ لها أنْ تحرقَ أحرقتْ، وإن لم يشأْ لم تحرقْ، والماءُ مائعٌ بمشيئةِ اللهِ، فإذا شاءَ اللهُ له أنْ يكونَ يبساً صُلْباً صارَ يبساً صُلْباً، انظر ما فَعَلَه اللهُ عزوجل مع سيدنا موسى: {فَلَمَّا تَرَاءَى الجمعان قَالَ أَصْحَابُ موسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَآ إلى موسى أَنِ اضرب بِّعَصَاكَ البحر فانفلق فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كالطود العظيم} [الشعراء: 61-63] .
اضربْ بعصاك البحرَ فأصبحَ البحرُ طريقاً يبساً، لماذا يخرِق اللهُ العاداتِ؟ لأنك إذا رأيتَ أنّ هذا الشيءَ نتيجةٌ لهذا السببِ، وظننتَ أنّ هذا السببَ هو خالقُ هذا الشيءِ فقد وقعتَ في الشركِ، وأنتَ لا تدري، خالقُ الشيءِ هو اللهُ سبحانه وتعالى، وهذا السببُ رَافَقَ النتيجةَ، هذه هي العقيدةُ الصحيحةُ، ولكنَّ الذي يخلقُ الإحراقَ في النارِ هو اللهُ، والذي يخلقُ الانتقالَ بلمحِ البصرِ من مكانٍ إلى مكانٍ هو اللهُ، فإذا ما أرادَ خالقُ الزمان والمكانِ أنْ يعَطِّلَ شرطَ الزمانِ والمكانِ فَعَلَ، لذلك كان الإسراءُ والمعراجُ حكمُه حكمُ أيِّ معجزةٍ وردتْ في القرآنِ الكريمِ.
شيءٌ آخرُ، وهو أنّ الأشياءَ المألوفةَ وغيرَ المألوفةِ كلاهما معجزةٌ، ألا تنظرُ إلى البقرةِ، وهي تعطيك الحليبَ، لو اجتمع أهلُ الأرضِ، لو اجتمعَ علماءُ الكيمياءِ العضويةِ في العالَمِ على أنْ يصنعوا مِن هذا النباتِ الأخضرِ حليباً فيه قِوامُ غذائِنا لَمَا استطاعوا، أليستِ البقرةُ معجزةً؟ أليستْ هذه الدجاجةُ معجزةً؟ أليس خَلْقُ الإنسانِ معجزةً؟ أليس إنباتُ النباتِ معجزةً؟ أليس هطولُ الأمطارِ معجزةً؟ أنتَ محاطٌ بملايينِ ملايينِ المعجزاتِ، وأنتَ لا تدري، أليسَ الْكَوْنُ مُعْجِزَةً؟
الكونُ معجزةٌ، هذا الطفلُ الصغيرُ خُلِقَ مِن ماءٍ مهينٍ، من نطفةٍ صغيرةٍ، هذه النطفةُ لا تُرَى بالعينِ، أربعمئة مليونٍ من النطاف تنطلقُ مِنَ الرَّجُلِ، وكلُّ نطفة لها رأسٌ، ولها عُنُقٌ، ولها ذيلٌ، وهي تسْبحُ، وفي رأسِها مادةٌ مُغَطَّاةٌ بغشاءٍ رقيقٍ، إذا اصطدمتْ بالبيضَةِ تَمَزَّقَ الغشاءُ، وساهمتْ هذه المادةُ في إذابةِ جدارِ البَيْضَةِ، والدخولِ إليها، دَخَلَت النطفة إلى البيضةِ، فانقسمتْ إلى عددٍ كبيرٍ، وهي في طريقِها إلى الرَّحِمِ، دونَ أنْ يزدادَ حجمُها، فَخَلْقُ الإنسانِ معجزةٌ.
بعد أنْ يُولَدَ الإنسانُ يكونُ في دماغِه مئةٌ وأربعون مليارَ خليةٍ استناديةٍ، ويكون فيه أيضاً أعصابٌ، وعظامٌ، وقلبٌ، وشرايينُ، ورئتان، ومعدةٌ، وأمعاء، وسمعٌ، وبصرٌ، وشفتان، ولسان، وعضلاتٌ، وأعضاء، وشَعر، وجلد، ومسام، وغددٌ دهنية، وغدد عرقية، هذا المخلوقُ الصغيرُ معجزةٌ، فخَلْقُ هذا الطفلِ مِن نطفةٍ، ومن بَيضةٍ معجزةٌ من أعظم المعجزات.
النباتُ، هذه الورقةُ لا يرقى إلى مستواها أعظمُ معملٍ صَنَعَه الإنسانُ على وجهِ الأرضِ، إنها معملٌ صامتٌ، يأخذُ مِنَ التربةِ الماءَ والمعادنَ، ويضخُّ هذا الماءَ إلى أعالِي الشجرةِ، هذه الورقةُ فيها اليخضورُ، تأخذُ من الهواءِ ثانيَ أكسيدِ الكربونِ، وتأخذُ من الشمسِ "الفوتونَ"، وتأخذُ مِن أملاحِ الحديدِ خوَاصَّهُ الوسطيةَ، وتصنعُ النُّسغَ النازلةَ، هذا النُّسْغُ النازلُ هو الذي يصنعُ الجذعَ، والأغصانَ، والفروعَ، والجذرَ، والثمارَ، والفواكهَ.
مَنْ علَّم هذا؟ كيف أَودعَ اللهُ كلَّ هذه الصفاتِ في البذرةِ؟ النباتُ معجزةٌ، الحيوانُ معجزةٌ، مليونُ نوع مِنَ السمكِ في البحارِ، أحدث رقم في وزن الحوت مئةٌ وثمانون طنًّا، رضعتُه الواحدة ثلاثمئة كيلو غرام، ثلاثُ رضعاتٍ تساوي طنًّا كلَّ يومٍ، هذا بعضٌ من المعلومات عن الحوت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.