الاثنين، 26 فبراير 2018

قصة الدوامة بقلم صلاح منير


قصة قصيرة
الدوامة
في يوم شتوي شديد البرودة وفي تمام السادسة صباحا استيقظت "منى" تتمطى وتتثاءب وهي تفرك عينيها وتقاوم النعاس وتحاول أن تفيق, فكم كان الأمس يوما مجهدا, ثم أيقظت زوجها بعد عناء. وكان الجو شديد البرود وكانت تشعر بالدفء تحت الغطاء لكنها بعد دقائق من التردد تشجعت ورفعت الغطاء وذهبت الي غرفة صغارها الأربعة. وبالطبع كان من الصعب على صغارها ترك فراشهم الدافئ في أيام الشتاء القارص. لكنها قامت بايقاظ الصغار بعد محايلة وتدليل ولا غنى عن ارتفاع الصوت مقابل عنادهم. فلابد أن يستعدوا للذهاب الى مدارسهم, ثم ذهبت الي المطبخ وقامت باخراج الخبز من الثلاجة, وملأت الغلاية بالماء وضغطت مفتاح تشغيل غلاية الماء. ثم ذهبت الي الحمام وهي تنادي على أولادها وتطلب منهم الأستعداد للخروج, وبعد أن أغتسلت خرجت من الحمام الي المطبخ لتعد افطار الأسرة, ووضعت الأفطار مع أكواب الشاي بالحليب علي المائدة وهي تنادي كل بأسمه "الأفطار جاهز" وذهبت الي غرفة الأولاد لتساعد طفليها الصغيرين في ارتداء ملابسهم. ثم خرج الزوج مرتديا ملابسه وجلس مع الأطفال لتناول الأفطار, وذهبت هي لتكون أخر فرد في الأسرة يرتدي ملابس الخروج وبعد أن ارتدت ملابسها خرجت من غرفتها لترتشف رشفة من الشاي وتأخذ ساندوتش بيدها فالوقت قد قذف وليس هناك فسحة أمامها للجلوس وتناول الأفطار كباقي أفراد الأسرة.
أستعدادا للنزول حمل كل طفل حقيبة كتبه ثم نزل الجميع الي الشارع واتجهوا سيرا على الأقدام الى الشارع الرئيسي حيث ودعها زوجها وتوجه الى عمله, وعلى قارعة الطريق وقفت وصغارها في انتظار عربة ميكروباص تقلهم الي المدارس, وبعد عناء ركبت وصغارها عربة الميكروباص التي أقلتهم الى منطقة المدارس حيث قامت بايصال كل طفل الي مدرسته واطمئنت على دخوله المدرسة. وبعد أن انتهت من توصيل أخر طفلة الى مدرستها وقفت تنتظر عربة ميكروباص لتقلها الى عملها, وبعد عناء استقلت عربة ميكروباص وذهبت الى العمل, ولم تسلم من تحرش بعض ضعاف النفوس طوال تلك الرحلة. وقد وصلت الى العمل وكانت على مكتبها بعد موعدها بدقائق قليلة فلم تسلم من بعض التأنيب من رئيستها في العمل فاعتذرت لها عن التأخير وشرحت لها الموقف كان يوم من العمل المرهق ككل الأيام فهي تعمل موثقة بالشهر العقاري. وقد انتهى يوم العمل في الثانية ظهرا وغادرت مقر عملها وأستقلت عربة ميكروباص تقلها الى مكان سكنها
ونزلت من عربة الميكروباص, وكالعادة تأخذ رحلة قصيرة على قدميها حتى تصل الى المنزل وأثناء السير قامت بالتسوق وشراء مستلزمات اليوم لأسرتها وأيضا لم تسلم من تحرش بعض الرجال من كلاب الشوارع في طريقها الى المنزل ووصلت وهى مرهقة الى شقتها في الطابق الرابع ودخلت مباشرة الى المطبخ دون خلع ملابسها لتجهيز طعام الغداء
وقامت بغسيل آواني وجبة الأفطار, وبدأت في اعداد طعام الغداء.
أنقضى من الوقت ساعة وحان موعد خروج الأطفال من المدارس فهرولت الى الشارع وترجلت الى الشارع الرئيسي ووقفت على قارعة الطريق لتستقل عربة ميكروباص توصلها الى منطقة المدارس ولم تسلم من التحرش في عربة الميكروباص أو حتى في الطريق وعندما وصلت الى منطقة المدارس ونزلت من العربة جمعت أطفالها الأربعة من مدارسهم وهي سعيدة بهم وهم سعداء بها وأنتظر الجميع على قارعة الطريق للحصول على أماكن في عربة تقلهم للمنزل وكان الجو شديد البرودة والأمطار غزيزة فوقفت بهم تحت شرفة أحد المباني لكن الأمطار غزيزة جدا حتى أنها كانت تصل اليهم فأخذت تخبئ صغارها في طيات معطفها لتحميهم من الأمطار, وبعد فترة طويلة من الأنتظار وصلت عربة بها أماكن لها ولأطفالها, وأستقلت وصغارها عربة الميكروباص لتأخذهم في الرحلة اليومية الي الحي الذي يقطنون به. وأثناء الرحلة من منطقة المدارس الى المنزل أخذت تستفسر من أولادها عما سار معهم في اليوم الدراسي وتعرف منهم ما عليهم من الواجبات المدرسية الواجب انهاؤها بالمنزل.
وصلت عربة الميكروباص الي الشارع الرئيسي بالحي الذي يقطنون به ونزلت وأطفالها من العربة وساروا جميعا على أقدامهم في الطريق الى منزلهم ولم تسلم طوال الطريق من تحرش بعض الذئاب حتى أن الفاظهم السيئة كانت تصل الى مسامع صغارها.
وفي لحظة أصغر أطفالها ينفك عن يدها ويجري في الشارع فيصتدم به شاب بدراجة نارية
ويسقط الطفل على الأرض. فتصرخ الأم والطفل يبكي بشدة فتحمل صغيرها وهي ترتعد من الخوف وتذهب به وبيدها أطفالها الأخرين الى العيادة الموجودة بالحي
فيقوم الطبيب بالكشف على الصغير ويعاين جسده ولم يجد الا بعض الجروح والكدمات نتيجة الأرتطام بالأرض, وبعد أن ضمد الطبيب الجراح بالمطهرات والشاش قال لها: يجب أن تذهبي به غدا الى المستشفى لعمل أشعة للتأكد من عدم وجود كسور ثم خرجت حاملة الطفل ماسكة بأخوته وهي تتمتم "يارب أستر يارب" وعادوا الى المنزل.
صعد الجميع السلم وهي تحمل صغيرها المصاب حتى وصلوا الى شقتهم في الطابق الرابع 
وطلبت من الطفلين الكبيرين تغير ملابسهم وقامت هى بتغيير ملابس الطفلين الصغيرين,
ثم ذهبت الى المطبخ لتكمل اعداد طعام الغداء, وعندما وصل زوجها عائد من عمله استقبلته وقصت عليه ما حدث لصغيرهما فقام بتأنيبها بصوت عال واتهمها بالأهمال فعادت للمطبخ لتحضير الطعام وهي تبكي, ثم قامت بتحضير مائدة الغداء ودعت الجميع للجلوس على مائدة الطعام لتناول الغداء وجلست وهي تداري دموعها عن صغارها, ولم تسلم رأسها من الصخب الذي يحدثه صغارها مع بعضهم البعض أثناء تناول الطعام وبعد أن انتهى الجميع من تناول الغداء قامت برفع الأواني من على المائدة واتجهت الى المطبخ وقامت بغسل الأواني وهي تبكي, ثم قامت باعداد فنجان من القهوة لزوجها.
وفي تمام الرابعة والنصف جاء موعد ذهابها لعملها للفترة الثانية فقامت بتوديع الزوج وهي تشعر بالقهر وقبلت أطفالها وخرجت لتعيد رحلة الذهاب الى مقر عملها. ولم تسلم في الطريق من خفافيش التحرش.
في تمام الخامسة وصلت الى مكتبها, وبعد ساعتين من العمل المرهق وفي تمام السابعة مساء غادرت مقر عملها لتعيد رحلة العودة الى منزلها. ولم تسلم أيضا في رحلة العودة من تحرش نعاج الرجال. ثم صعدت السلم الى شقتها في الطابق الرابع وهي منهكة, وفتحت باب الشقة وأستقبلها أطفالها بفرحة عارمة أدخلت عليها السرور وخففت من شعورها بالتعب وعناء اليوم. ثم طلبت من زوجها أن يذهبا معا بالصغير لعمل أشعة له فاصتحبها زوجها بالطفل الى المستشفي. وظل الزوج يؤنبها طوال الطريق ويلومها على ما حدث للطفل, وفي المستشفى لم تسلم من تعقيباته المؤلمة وتأنيبه لها.
وبعد أن اطمأنا الزوجان على الصغير بعد عمل الأشعة لم يتوقف الزوج في طريق العودة عن تأنيبه لها, وصعدت هي وزوجها وهو يحمل صغيرهما الى شقتهما ووصلت الشقة وهي مرهقة, ثم دخلت غرفتها وقامت بتغير ملابسها وخرجت فجمعت أطفالها على المائدة لتراجع معهم واجباتهم المدرسية وتطمئن على حالتهم الدراسية, وبعد أن أنهت المراجعة مع أطفالها دخلت الي المطبخ لتعد لأسرتها وجبة العشاء, ثم قامت باعداد مائدة العشاء ودعت الجميع لتناول العشاء. وبعد تناول العشاء كالمعتاد وسط صخب الصغار الذي لا ينتهي, قامت بعدها لتعد لصغارها حقائب الكتب لليوم التالي وبذلت جهد كبير حتي تقنعهم بالخلود الى النوم حتى يستطيعوا الاستيقاذ مبكرا في اليوم الدراسي التالي, وبعد أن اطمأنت الى أن صغارها قد غطوا في النوم ذهبت الى غرفة الطعام وقامت برفع آواني وجبة العشاء من على المائدة ودخلت المطبخ وقامت بغسيل آواني وجبة العشاء ثم قامت باخراج بعض الملابس من غسالة الملابس وقامت بنشرها على حبل الغسيل في شرفة المنزل, ثم عادت الى الداخل ورفعت سماعة الهاتف وأتصلت بمنزل العائلة لتطمئن على والدتها المسنة فردت عليها أختها الصغيرة الغير متزوجة والمقيمة مع والدتها وقامت بمعاتبتها بشدة وقالت لها لما لا تأتي لتري والدتك بنفسك, فلم نري وجهك منذ يوم الجمعة الماضي. فشرحت لها مدى انشغالها وحكت لها عما حدث لطفلها الصغير وقالت لها يجب أن تعذروني – لكن أختها الصغرى لم تأبه بكلامها وأسترسلت في توبيخها – فما كان منها الا أن شكرتها على اساءتها وقالت لها: أريد أن أكلم ماما, وبعد أن اطمأنت على والدتها ذهبت الى الحمام وأخذت حمام دافئ يزيل بعض ارهاق اليوم ثم دخلت غرفة النوم فوجدت زوجها يغط في النوم فحمدت الله, وألقت بجسدها على الفراش وهي تأن من الانهاك وتشعر بغصة من تأنيب الزوج الدائم لها وحديث أختها الصغرى وجسدها منهك من هموم اليوم ورأسها مثقلة بالتفكير في هموم الغد.
تمت
بقلم
صلاح منير
25/02/2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.