الخميس، 1 يونيو 2017

و نِعْمَ الأم و الجَدّة مثال التضحية و العزيمة عائشة العويك كحيل رحمها الله جدتي عائشة / عبد العظيم كحيل



و نِعْمَ الأم و الجَدّة مثال التضحية
و العزيمة عائشة العويك كحيل رحمها الله

جدتي عائشة


جدتي أم ابي عائشة
جَد رحمه الله للأسف لا أعرفه
توفاه الله
قبل وجودي
في شمال لبنان
منطقة البداوي
بيت صغير متواضع
حَمّام و غرفتان
له وجهتان شرق وغرب
بجانبه زَرِيبَة بقر
بِضْعُ دجاجات في الدار
وبعض الخِرفان
يتوسطهم شجرة تِين
على سطحه جِرَار مناحل عسل

جدتي ربتْ إثنا عشر طفلاً
خمسة بنات وسبعة ولدان
وهي الأرملة
وحدث حادث في الحقل
وهي تَجْمَع الحشائش
أن جاءها المَخَاض وهي في شهرها
فأنجبتْ طفلها
قطعتْ الحبل السِّري بنفسها
رفعتْ حشيشها على رأسها
الطفل بين يديها
عادتْ مبتسمة لِبَيْتِها
إجتمع الجمع مِن النساء
فرحات مبتسمات
وجوه ضاحكة لسَلامَتِها

جدتي أخت الرجال
تفوقت على الكثير منهم
حَمَلَتْ بندقية صيد
إصطادتْ كل ما يُأكَل
بحلالها لا بحرامها
عاشتْ وماتتْ
تقول الحمد لله
خالق السموات والأرض ومَن فيهم

جدتي كانت تحبني
تقول حفيدي هذا خَالي
الوَيْل لِمَن يزعجه
تناديني من بين الأولاد
ونحن نلعب في الدار
عَظُومِي... عَظُومِي..
بيدها تُلَوِح تعال يا خالي
ألتفتُ إليها و أُسْرِع نحوَها
ترد الباب بِخِلْسَة
وأنا على عِلْم
أنه تَخِصُنِي
ببَيْض بِمِقْلاةِ الفخار مَقْلي
ومع صحن لبن مِن بقرها
كل شيء طازج وشهي

رحم الله جدتي
و جَعَلَ ربي الجنة مسكنها
ما إن بدأت تأخذ نَفَساً
وتشعر بالحياة
مع أولادها و أحفادها
حتى كان آخر نَفَس لها

ما كنتُ أعلم معنى حبها
واليوم أصبحتْ مِثال
في قلبي تِمْثَالها
ما زالتْ في وجداني
حفرتْ في ذاكرتي
عالم مِن الخيال
الآن علمتُ
أن أَعَزَ مِن الولد
وَلَد الوَلَد

عبد العظيم كحيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.