الخميس، 23 فبراير 2017

الصماء بقلم زكريا الشبلي

قصيدة الصماء..بقلمي..زكريا الشبلي..البحر الكامل
اخلع غرورك فالغرور رذيلة *** تزري , فهل يحظى بك الإزراء
والمدح وهم والنفوس تحبه *** فاحذر فقد يودي بك الإطراء
إن كنت ذا نعم تجود لكثرها *** فاشكر فلن يعلو بك الإغراء
اليوم في نعم وما تدري غدا *** تبقى عليها أم هي البأساء
واليوم في رغد يطيب مذاقه *** تختال في أركانك النعماء
وغدا تراك حليفها أم أنها *** تتحول النعماء والسراء
يا عاقلا خل الأمور جليلة *** وحذار أن تقتادك الأخطاء
إن اللذين دروا حقائق عيشهم *** وترفعوا نبلا هم السعداء
أما اللذين تخبطوا في تيههم *** وتفاخروا زيفا هم البؤساء
إن كان وجهك بالتبسم دائم *** جاءت إليك بمعشر سيماء
وتناقل الأحباب عنك رحابة *** حتى يغار لقدرك الأمراء
الابتسامة للمحبة موجب *** وتزول في أعطافها الشحناء
قدر المحبة أن تظل حبيسة *** قيد الصدور تحيطها الأهواء
تقتات من لحم القلوب طعامها *** وشرابها ضمن العروق دماء
نسعى لها سعي اللهوف لغاية *** وكأننا بمدامها الندماء
العمر يمضي بالهيام كلحظة *** والدهر تطوي طوله الأثناء
ود المتيم بالوصال دقيقة *** كانت كعمر والوصال عطاء
يخفي المحب غرامه متحفظا *** فإذا به قد عقه الإخفاء
ما نام من كان الغرام حليفه *** في ليله تتحالف الأدواء
والشوق يجري بالهواء لهيبه *** حتى تذوب بناره الأحشاء
آه لأهل الحب يوم رأيتهم *** قد أعشبت من حولهم جدباء
جادوا بدمع العين دون تذمر *** ولكم تمثل بالمحب سخاء
ما كان من أحد يجود كعاشق *** وهب الفؤاد وإنه معطاء
والليل يمكثه على أمل اللقا *** وصباحه رغم السهاد رضاء
ونهاره غزل وحب عارم *** والنوم ينسى طعمه الكرماء
أكرم بمن صدقوا الهوى أعرافه *** حتى وهت في عرفهم بغضاء
أما الذين تصنعوا دور الهوى *** كانوا نشازا إنهم غرباء
غلبت عليهم بالصدور ضغينة *** ونفوسهم عصفت بها الشحناء
يا نفس هل بعد المحبة نعمة *** فلذا تهاب شرورك النعماء
سيري إلى حيث المسار يقلنا *** إن كان حق أننا الطلقاء
كل الدروب إلى اللقاء مصيرها *** ومصيرنا بعد الضياع لقاء
خلي الوداع بلا وداع إننا *** حين التلاقي والبعاد سواء
وبكاؤنا ما كان إلا مشهد *** سوّاه في لون البكاء رياء
لا تندبي أو تضربي أو تسخطي *** فمشاعر الأبرار منك براء
أتقنت دور الحب حتى خاله *** أصفى من الماء الزلال غباء
فإذا تملكت الفؤاد بغفلة *** كنت الظلومة والعداء عداء
اللؤم طبع والطباع عصية *** إن جاء يكشف سرها الحكماء
بادلت ودا بالجفاء تعنتا *** ولقد أساء إلى القلوب جفاء
بئس الجليس إذا أتيت جليسة *** إن اللئام لمثلهم جلساء
أقصيت عني من أحب وصالهم *** فنأوا بعيدا إنهم غرباء
أمارة بالسوء لست نزيهة *** أغواك وهم الشعر والشعراء
فأبحت هجرا واستبحت محبة *** واستأثرت في أمرك الغوغاء
الحق كل الحق أني ظالم *** حين ارتأيت بأنك العصماء
كوني على هذا المقام خنوعة *** إن المسيء بجهله مستاء
يا أيها الكون المليء رحابة *** ضاقت علي بكربتي الأنحاء
واستنكرت حتى الرمال وداعتي *** واستنكف الأحباب والرفقاء
وسوى ظلام الليل ما لي صاحب *** من كثر نوحي ملني السعداء
لكنني أجد الظلام معزيا *** إذ أنها سكنت بنا الظلماء
والعين قد ألفت غياهب عتمة *** تنعي على أطرافها الأضواء
يا خير خل والرفاق تناءوا *** لما تغذت من دمي البلواء
آثرت من كل الخلائق صحبتي *** فإذا عزمت تهابك الدهماء
أنت الصديق المستفيض شهامة *** وإلى صنيعك تهبط العلياء
يا من سريت إلى الجريح بليلة *** من هولها تتدافع الأدواء
خليت في دفء الفراش تلكؤا *** وأتيت تحمل نورك الآلاء
نور الوفاء ووهجه في ظلمة *** يسري بها عبر السواد وفاء
يا أوحد الأصحاب كيف أذيعها *** تلك التي تصغي لها الصماء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.