الأحد، 1 مايو 2016

حــــــــــلم العجــــــــــــــــــوز بقلم هبه عبد الغني عبد المحسن


حــــــــــلم العجــــــــــــــــــوز ..
بقلم هبه عبد الغني عبد المحسن

نجماً يضوي في السماء ... شعاع شمس يتراقص بين السحاب ... قطرة ندى تتلألأ بين الأغصان ... تتمايل على إثرها الزهور تهمس لبعضها لحناً مع خرير المياه ... تتراقص عليه راقصة البالية فوق المسرح الكبير ... ترقص وترقص .. بوجهها القمري وشعرها الليلي المسترسل الذي يهفو خلفها وحولها ... ترقص وترقص .. بينما تلك العجوز تجلس بين الحضور تنظــر إلى نفسها يداها المرتعشتان وجلدهما المتجعد .. تتناسى ولا تنظر لكنها تسرح وتصدق خيالها، ترقص وترقص بفستانها الأبيض القصير بطبقاته المموجة تطير لأعلى تطير فتطير أجنحتها البيضاء وترفرف كالفراشة، تنظر العجوز إلى نفسها وجهها المنكمش وعيناها الذابلتان اللتان اختفتا خلف الترهل ، وشعرها الأبيض الخفيف رغم عدم خلو فراغاته من الخصيلات الرمادية .. لكنها تنفض من نفسها ذلك الإحساس سريعاً .. تطير وتعلو الراقصة لأعلى فيتلقفها بين ذراعيه ذلك الفتى الوسيم .. جميل الملامح .. رشيق الحركة ، تضغط العجوز على عكازها، طالما تمنت الرقص بين كفيه ، ها هو يراقصها ... إلى أعلى يقفز بها وينزل يدور بها وتدور حوله ... به ومن دونه ترقص وترقص ... حتى ... توقفت الزهور عن الهمس ... اختفت النجوم لتلمع الشمس فى السماء فينتهي العرض ... تنتبه العجوز أخيراً وتستيقظ من حلمها عندما يصفق الجميع تبتسم بشفاهها المرتعشة وتشعر بسعادة ونجاحٍ زائف ... فيراودها ذلك الإحساس ثانية لكنها تنفضه من عقلها تسرع الراقصة إلى ذلك الفتى .. يمسكان أيديهما معًا ، فيسقط العكاز من يد العجوز وهي ترفع يدها لتحية الجمهور ... يُسرع الجمهور إلى راقصة البالية والفتى يحملونهما من فوق خشبة المسرح ... على أكتافهم فرحين بهما ويخرجون إلى الخارج ... تسقط فرحتها أسفل قدميها المرتعشة لا تستطيع الحراك لكنها تقاوم تأخذ عكازها وتقف به رغم أن الجميع قد رحلوا ... تسير بخطوات الطفل الضعيف تصعد المسرح تنظر إلى المقاعد الفارغة شيء داخلها قال اصرخي .. تكلمي .. لكنها لم تستطع ، فقط دمعة دافئة أجبرها ذلك الإحساس أن تسقط من عينيها ... تاهت الدمعة وضاعت بين التجاعيد وتفرقت أشلاؤها بين الثنايا .. لكن العجوز نفضت ذلك الإحساس وابتسمت فدق قلبها فرحًا .. نظرت للمقاعد وحيّتها ثم قفزت لتطير لأعلى ولكن .. وقعت على الأرض .. ولم يرفرف جناحها المكسور بل طار منها العكاز بعيداً .. عندها أُطفئت أنوار المسرح فلم يعد به أحد ... ولم تستطع حتى أن ترى نفسها في ذلك الظلام ... واستسلمت العجوز لذلك الإحساس ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.